التطوير الإداري وفلسفة النجاح
اضاءات الأثنين2-9-2019 خلف علي المفتاح تستحضر الظروف الحالية وتستدعي الإشارة لما ورد في الكلمة التي ألقاها السيد الرئيس بشار الأسد في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر القطري العاشر لحزب البعث العربي الاشتراكي عام ٢٠٠٥ في إطار حديث سيادته عن معوقات عملية الإصلاح الإداري، حيث أشار سيادته إلى أن أهم تلك المعوقات هو ضعف البنية الإدارية وعدم كفاية تأهيل البنية الإدارية وكثافة وتراكم المشكلات التي تواجه الإدارة وتشابكاتها نتيجة تراكمها المزمن يضاف إلى ذلك التأثير السلبي للظروف والأحداث الدولية التي مرت بها منطقتنا خلال السنوات السابقة،
والواضح أن تشخيص الحالة جاء في إطار قراءة الأفق المستقبلي لعملية التنمية والقدرة على الدفع بقيادات إدارية مؤهلة سمتها الأساسية الكفاءة العالية والخبرة العميقة والنزاهة والأهم من ذلك كله أن تكون مؤمنة إيماناً قوياً بالمشروع الوطني للتنمية والتطوير ومنخرطة فيه ذهنياً وأخلاقياً هذا كله يجعلنا أمام قيادات كفؤة وفاعلة وقادرة على إحداث نقلة نوعية في بنية العمل الإداري وتقطع كلياً مع ثقافة أداء نمطي بطيء سمته الكسل الوظيفي وعدم القدرة على الارتقاء إلى مستوى تحديات الإدارة المتطورة التي حققت معدلات أداء وإنتاج عالية في دول عديدة لا تختلف كثيراً في ظروفها ومجتمعاتها وبنيتها عن ظروف الدولة والمجتمع السوري إن لم تكن أدنى من ذلك في إطار ظروف النشأة وفلسفة التكوين.
لقد ارتكزت الكثير من فلسفات الإدارة على مقولة لشكسبير تقول: دع الحمقى يتنافسون في أشكال الحكومات إن أفضلها هي أفضلها فاعلية في الاستثمار للموارد وثروتها الأساسية العقول الوطنية وهذا يؤكد حقيقة وأولوية اختيار القيادات الإدارية السليمة والفاعلة لأن عملها أقرب ما يكون لعمل القلب في الجسم فكلما كان سليماً كان الجسم في أحسن حال حيث تضخ الدماء في كل الشرايين والأوردة والأنسجة بانسيابية وانتظام وسلاسة من هنا تبدو عملية النهوض الإداري والمؤسساتي مسألة غاية في الأهمية في ظل الظروف الصعبة والقاسية التي تواجهها بلادنا بحكم العدوان الذي شن عليها والحرب القذرة التي واجهتها واستهدفت بنية الدولة والمجتمع والمؤسسات التي قامت عليها الدولة السورية ومراكز قوتها الاقتصادية والبشرية حيث استهدفت الكتلة الحيوية السورية بشكل واضح لجهة أنها حاملة عملية التطوير والتحديث التي شهدتها البلاد بعد عام ٢٠٠٠ في إطار المشروع الذي حمله السيد الرئيس بشار الأسد ووجد الكثير من مرتسماته على أرض الواقع ولا سيما في إطار الانفتاح الاقتصادي وجذب الاستثمارات والتوظيف الأمثل للطاقات عبر مأسسة العمل ومعايرة المناصب والدفع بالقوى الشابة المؤهلة والكفوءة والاستفادة من تجارب الدول في هذا المجال وذلك من خلال إحداث العديد من المعاهد المتخصصة بتطوير الإدارة وتأهيل القيادات لجهة انخراطها في مفاصل الوظيفة العامة ولا سيما الإنتاجية منها على وجه التحديد.
إن المناخات الحالية وفي ظل ما يتوفر من بيئة عمل ونجاح وخاصة أن العديد من المراسيم والقرارات قد صدرت بهدف إيجاد ظروف مناسبة للمبادرة الفردية والجماعية في إطار مقاربة الأداء العام توفر فرصاً حقيقية للارتقاء والنهوض به وتحقيق إنجازات حقيقية اقتصادية وخدمية تصب في خانة التنمية الشاملة وتنعكس بشكل إيجابي على حياة المواطن الذي عانى كثيراً من ظروف الحرب والحصار الجائر الذي فرض على الشعب العربي السوري وهذا يحتاج إلى شعور عال بالمسؤولية وحس وطني وأخلاقي وإيمان عميق بأن النجاح في المهام والمسؤوليات أياً كان مستواها وظروفها ومعوقاتها ممكن عندما يقرر القائد الإداري النجاح في المسؤولية ويشكل في نظر مرؤوسيه النموذج في السلوك والأداء وتمثل ما يصدر عنه من خطاب وينخرط عملياً في المشروع الوطني للبناء والإعمار.
|