تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


هنيئاً لهم ولنا

المهماز
الأربعاء 11/4/2007
الكاتب الكبير زكريا تامر

آن للمنجمين والمنجمات وقارئات الفنجان والكف أن يخلدوا إلى الراحة, ففي صباح يوم الثاني والعشرين من نيسان الحالي سيهجر السوريون الرجال والنساء والأحياء والأموات رقادهم المهيب, وسيحمدون الله لأن الليل يرحل دائماً ليحل محله فجر وصباح ونهار, وسيهرعون إلى المراكز الانتخابية للإدلاء بأصواتهم والمشاركة في اختيار ممثليهم الجدد في مجلس الشعب, وسيحمدون الله حين تعلن النتائج سواء أنجح ممثلوهم المفضلون أم أخفقوا, فالوطن في الحالتين هو الرابح لأنه ظفر بنواب جدد بسلاء يستطيع أن يباهي بهم الأمم والأقوام.

سيحمد السوريون الله إذا لم يكن كل نوابهم الجدد من المغمورين العاجزين عن إقناع أمهاتهم بانتخابهم.‏

سيحمد السوريون الله إذا لم يطبع نوابهم صورهم طبعة جديدة منقحة معدلة بمناسبة فوزهم في الانتخابات وتوزيعها على الناخبين مجاناً, ولن ينتظر السوريون الماء من الحصى.‏

سيحمد السوريون الله حين يدخل نوابهم قاعة مجلس الشعب مستخدمين في أول خطوة لهم القدم اليمنى, فكل ما هو يساري لا يجلب غير الهوان والشرشحة والتعتير.‏

سيحمد السوريون الله حين لا يبتدىء نوابهم الجدد باستغلال مناصبهم منذ الدقيقة الأولى, ويشرعون في استغلالها في الدقيقة الثانية احتراماً للقوانين والناخبين.‏

سيحمد السوريون الله حين لا يبادر نوابهم الجدد إلى تغيير زوجاتهم واستيراد زوجات صغيرات السن جميلات, فتغيير ديكور البيت لا يعني تغيير سكانه.‏

سيحمد السوريون الله حين ينضم أبناء نوابهم إلى طبقة أبناء المسؤولين, وهي طبقة جليلة ذاع صيت نضالها المبارك.‏

سيحمد السوريون الله حين لا يتغيب نوابهم عن حضور الجلسات, فغيابهم نكران للجميل وكفر بنعمة لم تكن متوقعة خاصة وأن بعضهم كان مؤمناً بأن وصوله إلى سطح القمر ماشياً أسهل من وصوله إلى مجلس الشعب, وما هبوطهم الراهن فوق مقاعد النواب سوى تطبيق للمثل القائل : ( من لم يجدّ وجد ).‏

سيحمد السوريون الله إذا لاذ نوابهم بالصمت العميق, فالصمت أجمل من كلام ركيك وكلام منافق, والفم المقفل لا يدخله ذباب فضولي ولا يخرج منه ما يشبه جثث عقارب ميتة.‏

سيحمد السوريون الله إذا ظل نوابهم الجدد ملتزمين بتواضعهم الجم, وهو التزام عسير التنفيذ لمن حملوا أرقى الشهادات العلمية كالشهادة الابتدائية أو ما شابهها, وهم المؤهلون لمناقشة سياسة الوزارة والموازنة وخطط التنمية وإقرار المعاهدات الدولية, فالطبل طبل والناي ناي.‏

سيحمد السوريون الله إذا نافق نوابهم في بعض الجلسات لا في كل الجلسات, وعاملوا النفاق بوصفه فاكهة تؤكل أحياناً لا في الليل والنهار والنوم واليقظة والربيع والخريف والشتاء والصيف.‏

سيحمد السوريون الله حين يتمتع نوابهم وزوجاتهم وخدمهم بركوب السيارات الفخمة الجديدة غير متناسين أن الراكب لن يستمر راكباً, ولا بد من مقدم يوم ينضم فيه إلى عباد الله المشائين المخذولين.‏

سيحمد السوريون الله إذا لم ينم نوابهم الجدد في أثناء انعقاد الجلسات, فالنوم شديد النفع للجسم, ولكنه قد يساهم في نشر شائعات بالغة الخطورة تدعي أن النائب النائم فقير لا يملك في بيته فراشاً ينام عليه, وهي شائعات ستسفر عن نتائج مؤذية ضارة, فالهدية المقدمة إلى الغني لا يمكن أن تكون كالهدية المقدمة إلى الفقير.‏

سيحمد السوريون الله إذا تذكر كل نائب أنه مكلف بتمثيل أبناء منطقته وليس مكلفاً بتمثيل أسياد الصفقات والمناقصات فقط.‏

سيحمد السوريون الله حين يثبت نوابهم الجدد أنهم بشر من لحم ودم يغضبون ويفرحون, وليسوا دمى من شمع تتكلم وتتحرك مطيعة ما يخطط لها وما تؤمر به.‏

سيحمد السوريون الله إذا لم يمتلك نوابهم الجدد أجنحة تحملهم من بنك إلى بنك.‏

سيحمد السوريون الله إذا اهتم نوابهم الجدد بأحوال القطط البائسة الجائعة, فمن يهتم بالقطط يوماً قد يهتم بالبشر في أيام أخرى.‏

سيحمد السوريون الله إذا بكى نوابهم تأثراً وهم يتكلمون عن هموم الناس مبرهنين على أن الوطني الوفي لأرضه وناسها تستطيع دموعه أن تكون ضحكات متنكرة.‏

سيحمد السوريون الله حين يُحاسب كل نائب يزداد لحمه وشحمه وأرصدته في المصارف, ويُكلف جزار صارم بالتصحيح, فيعطي ما لله لله وما لقيصر لقيصر وما للقطط للقطط.‏

سيحمد السوريون الله حين يهيمن الكسل على نوابهم الجدد, فليس هناك ما هو جدير بأن يُعمل, فالحرية سائدة, والعدالة سائدة, والرفاهية سائدة, والقضاء نزيه مستقل, والقانون ليس ممسحة, والوطن تحررت كل أراضيه وخلت من الحفر والمنتفعين من الحفر, والشعب بات من أصحاب الملايين, وامتلك كل مواطن سيارة وطائرة خاصة ويختاً وأربع زوجات وشهادة دكتوراه.‏

سيحمد السوريون الله إذا صدر قانون يمنع الجمع بين مهنة النائب ومهنة المهرج, فلكل مهنة خصائصها ورجالها ونساؤها.‏

سيحمد السوريون الله إذا لم يكن نوابهم مؤمنين بأن المكان الذي سيقيمون به أربع سنوات قادر على تحويل الضبع غزالاً, وعاجز عن صنع العسل والقشدة من الشوك.‏

سيحمد السوريون الله ليل نهار متضرعين إليه أن يحميهم طوال أربع سنوات عجاف متخمة بالثغاء والخوار الزاعمين أنهما الصوت المعبر بصدق عن آلام الناس.‏

سيحمد السوريين الله إذا سارت كل السيارات وكل النواب بغير وقود.‏

تعليقات الزوار

ابو احمد |  adnan.t69@hotmail.com | 20/08/2007 12:51

مشكور على الابداع والكلمات

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 زكريا تامر
زكريا تامر

القراءات: 14083
القراءات: 7871
القراءات: 7622
القراءات: 9474
القراءات: 8744
القراءات: 8853
القراءات: 8466
القراءات: 11749
القراءات: 8418
القراءات: 7957
القراءات: 9006
القراءات: 9290
القراءات: 8023
القراءات: 7553
القراءات: 9595
القراءات: 8526
القراءات: 8597
القراءات: 9354
القراءات: 11280
القراءات: 7734
القراءات: 7743
القراءات: 11541
القراءات: 7833
القراءات: 7522

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية