تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الثقافة.. كانت غائبة..

خَطٌ على الورق
الثلاثاء 27-11-2018
أسعد عبود

يشكل ما يظهر السوريون محاولة للاحتماء بالثقافة، من هول ما واجهتهم به الأيام.. هو انطباع يمكن أن يتشكل لدى المتابع للواقع السوري، وظروفه وتطوراته.

عندما تم تحرير تدمر أول مرة، أسرع السوريون لإقامة حفل موسيقي فني بين أوابدها، والدنيا في عز الحرب. ورغم أن الحرب وتطوراتها ومسارها.. ردوا الفرحة غصة في حلوق المحتفلين، إذ سقطت تدمر مرة أخرى.. إلا أن ذلك لم يقمع شعوراً ما، لا أقول: عاماً، بل أقول غالباً أو نسبياً، أن العروض والنشاطات الثقافية السورية يمكن أن يحدث خروقاً مهما كانت متواضعة في غلاف الصدأ الذي أحدثه الإرهاب والحرب على نفوسنا.‏‏

عروض فنية.. عروض مسرحية وسينمائية.. إنتاج فني.. معارض كتب.. إلى آخره.. الطابع العام لذلك كله رسالة تقول لكل من أراد خراب هذا البلد: رغم أنوفكم نحن أحياء.‏‏

كان التحدي على قدر الممكن.. نهل من معالم الثقافة التي عرفناها لعشرات السنين.. ولم يبدُ علينا التواصل مع فكر ثقافي جديد متمثل بنشاطات تغير عوالم الثقافة التي كانت ولم تمنع الانحدار الثقافي المهين في الانطباع العام عن شخصية السوري.‏‏

هو فعل رائع أن تستطيع أن تقدم أي شيء يشعر الشعب بالحياة في ظل الحصار، حتى ولو كان إعادة.. أو اجترار.. أو تقليد.. بما في ذلك القنوات السورية التي دأبت مؤخراً على إعادة بث الدراما السورية ومسلسلاتها التي تألقت على الثقافة العربية المرئية في حقبة من الزمن.. لكن..‏‏

الاكتفاء باجترار الماضي سلاح بأكثر من حدين.. ولا بد من طرح المبادرة المبتكرة مهما صغر شأنها..‏‏

مثل ذلك ما سمعته من إف إم سورية عن مراكز ثقافية يتم افتتاحها هذه الأيام في السجون.. هذا فعل ثقافي مهم جداً.. وكلما توسع وصدق بأفكاره وتوجهاته.. كلما ازدهر وعظمت نتائجه الإيجابية. التقرير الذي سمعته كان من سجن حمص.. و قد وردت فيه أفكار تستحق الاحترام.. حتى ولو كانت الفكرة ليست مستحدثة بالشكل الكامل.. لكنها في ظل ظروفنا وواقع سجوننا أنا أعتبرها فعلاً ثقافياً قابلاً للتطوير والبناء عليه وتعميمه.‏‏

السجون عالم مهيب رهيب.. يحدث تحولات في النفس البشرية ويصبح السجين في بحثه عن الخلاص يستنجد بأي بادرة أمل وجديد.. السجون ليست للعقاب والتحكم والانتقام والعسف وفقط.. هي مجتمعات تشكل بيئة خصبة للثقافة والتحول الفكري والثقافي.. وقد استثمرها كثيرون لم نكن - بكل أسف - في مقدمتهم.. فأرسلت لنا هذه السجون من خريجيها المتدربين لدى المستثمرين فيها من مشايخ الإرهاب وغيرهم.. قادة في الفكر والفعل الإرهابيين ..‏‏

اليوم إذ ازداد وسيزيد أكثر عدد المساجين.. فنحن نعاني من متابعات الحرب وما تخربه في العقل والضمير والأخلاق.. ستشكل السجون مسرح عمليات ثقافية حقيقية..‏‏

as.abboud@gmail.com ‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 أسعد عبود
أسعد عبود

القراءات: 645
القراءات: 948
القراءات: 931
القراءات: 906
القراءات: 954
القراءات: 991
القراءات: 998
القراءات: 979
القراءات: 1073
القراءات: 1087
القراءات: 1022
القراءات: 1065
القراءات: 1038
القراءات: 1076
القراءات: 1333
القراءات: 1216
القراءات: 1120
القراءات: 1141
القراءات: 1200
القراءات: 1200
القراءات: 1207
القراءات: 1228
القراءات: 1222
القراءات: 1277
القراءات: 1278

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية