وإعلان تأييد بلاده لإقامة الدولة الفلسطينية ، فإن ردة الفعل الصهيونية السريعة والمتشنجة ، وتوكيد أحد وزراء حكومة نتينياهو الائتلافية المتطرفة بأن : (واشنطن لا تملي الأوامر على إسرائيل ) ، إضافة للموقف الصهيوني الرسمي المعلن والمعروف ، الرافض جملة وتفصيلاً لمبدأ السلام ، تشكل مصادرة وقحة لهذه التصريحات ونسفاً لها ، يفرغ التوجه والمسعى الأمريكي من أية مضامين .
ولا نعتقد والحال كذلك من أن هناك فائدة أو جدوى ، من طرح ما يسمى ( عملية أنابوليس ، وخارطة الطريق ) كسبيل للتسوية ، واعتبارها بأي شكل من الأشكال بديلة من المرجعية الأساس ، الأهم والأشمل والأصلح التي قامت عليها عملية مدريد ، وحكمت لسنوات ولا تزال مسار العملية التفاوضية ، طالما أن الطرف الصهيوني قد حكم على الأخيرة بالموت ، وناور طويلاً في الأولى ونافق وابتز ، وصولاً لإشهار اليوم الفاضح المتحلل من أية التزامات ترتبت وتترتب عليها ، يمكن أن تقدم شيئاً للشعب الفلسطيني وقضيته ، أو تسجل نقطة لمصلحة السلام والاستقرار في هذا الجزء من العالم .
وهذا ليس بالأمر المستغرب أو اللامتوقع عند المتابعين لقضية الصراع ، ذلك أن القابضين على السلطة في الكيان الصهيوني اليوم ليسوا نشازاً ، وهم ككل الذين سبقوهم مجرد شرذمة لا تخفي الكراهية والعداء للسلام ، وهي باعتمادها لنهج العسكرة والتطرف ، وأخذها بسياسة العربدة والقتل والتهويد بدائل لخيار السلام والتسليم بالحقوق العربية والفلسطينية ، تكون قد حسمت الموقف ووفرت على الدنيا عناء معرفة : إلى أين تتجه الأمور ونحو أي تصعيد ، وماهية العقيدة الشوفينية التي تحكم العقل الصهيوني وتسيره .
وهو ما يرتب على أمريكا في المقام الأول وأوروبا مسؤوليات كبيرة ملحة وضاغطة ، تقتضي في الحدود الدنيا التخلي عن سلبية التعاطي مع المنطقة والعملية السلمية بنفس مطاطي طويل ، وبمنهجية أقل ما يقال فيها أنها لا منصفة ومتحيزة ، وتفتقر لمبادئ الحق والعدل التي لا تستقيم بترك إسرائيل ، استثناءً تمارس بحرية ودم بارد عدوانيتها وإجرامها ، وقرصنة الاحتلال والتهديد الخطير والمدمر للسلام .