نرى بقايا حطام، ومايرميه البحارة العابثون من قمامة وهم يتنقلون فوق سطحه من قارة إلى قارة. لكن من منا رأى هماً يطفو؟ أنا.
أهل اللاذقية، وأنا منهم، نتوسده، ندفع ثمن صلة القربى به، تأفف مستمر من حرارة ولزوجة نهارات الصيف، في الليل يحتال البحر على غلاظته في النهار، فينثر عليل هوائه لتتلاشى حدة المزاج.
جيران البحر لااسرار خاصة لديهم يخفونها عن البعيدين عنه، نعرف في أنواع السمك أكثر منهم؟ لا.. نجيد السباحة أكثر منهم؟ أيضا لا.. مع ذلك لدينا مايميزنا، هو في متناول همومنا.
اليود المنعش المعبأ في هواء الساحل، ورذاذ الملح المصاحب للهواء وموسيقا الموج، والتأمل في حركتي المد والجزر، تغني عن عشرات جلسات الاسترخاء المقدمة في النوادي الرياضية.
أن تكون قريبا من البحر، يعني كلما امتلأ كيس همومك ترميه في جوفه، وحينما لايكون عندك كيس، او كييس، وانك صحيح النفس معافى، ماعندك شيء تنفضه فيه، حينها يمنحك البحر زجاجة من دواء السعادة، تأخذ منها ملعقة صغيرة صباحا بعد الطعام، ومثلها في المساء.
البحر سخي يُعالج بعقاقير مديدة المفعول، للبعيدين عنه، تمتد من موسم اصطياف إلى آخر، شحيح على القريبين منه أمثالي، فملوحة مائه تترك ندبا على روح من يطيل.
هذه الخرافة التي تمنح كل منا حرية التأويل والتحوير والاجتهاد، هذا الذي يراه كل منا بعين نفسه.. فان كان ساخطا فسُخط.. يترك لنا حرية الاجتهاد في تفسيره على قدر مانرى.. البحر وزع الكثير الكثير من الزجاجات، ويسأل هل من مزيد.
المشكلة انه يأبى إلا «التسليم باليد».