التي تواجه اليوم أوضاعاً بالغة الاحتقان والتوتر، بفعل السياسة الصهيونية الآخذة مع مجيء اليمين المتطرف إلى واجهة السلطة ، بمبدأ التصعيد المكشوف ورفع سقوفه بتخلٍّ علني وقح عن أساليب المناورة ، لم يسبقها إليه أي من الحكومات الصهيونية السابقة ، يشهر كل لاءات الرفض دفعة واحدة ويقذفها بوجه التسوية ، وإيجاد حل عادل وشامل للصراع .
وحتى تصريحات الرئيس أوباما التي تطالب بوقف الاستيطان ، وتؤكد التزام الولايات المتحدة بحل للقضية الفلسطينية على أساس ( حل الدولتين ) ، لم تستطع أن تخفف من التشنج أو توحي بالتفاؤل وبأن هناك تباشير في الأفق باقتراب مواعيد لوضع قطار التسوية على السكة الصحيحة ، انطلاقاً من تغيير قد طرأ أو سيطرأ على مواقف الطرفين الأمريكي والإسرائيلي ، وإنما العكس , والتشاؤم الذي بدا جلياً في تقولات نتنياهو , وفي عمومياته الأبعد ما تكون عن فكرة السلام والقبول بمتطلباته.
ذلك أن الأخير المغطى بمناورات واسعة للطيران الحربي ، وبهجمة استيطان شرسة طاولت هذه المرة غور الأردن , قد حط في واشنطن وفي أجندته وسلم أولوياته شأن آخر يتخطى جغرافية المنطقة ، ومواضيع تلتف على القضية الساخنة الأساس ، وتتيح لحكام تل أبيب الجدد مواصلة الهروب والتهرب من استحقاقات السلام ، وإطلاق اليد في متابعة نهج العربدة والاستباحة والاحتلال وإقامة ( الدولة اليهودية ) ، بكل ما تستتبعه هذه السياسة الحمقاء من تهديد لأمن واستقرار المنطقة وللسلام العالمي .
في كل الأحوال لا ينبغي التعويل كثيراً على التناقضات في الموقفين الأمريكي والإسرائيلي ، أو المراهنة على تغيير يمكن أن يقلب الموازين ما بين ليلة وضحاها ، لمصلحة إرساء السلام العادل والشامل المستند لمرجعية مدريد ومبدأ الأرض مقابل السلام وعودة الحقوق العربية والفلسطينية كاملة ، إن لم يكن من موقف عربي وحازم في الموازاة ، يستطيع أن يمارس الضغط والتأثير ويفهم واشنطن الموضوعة اليوم على محك الامتحان للهيبة والمصداقية وبلغة المصالح : أن مصالحها ومصالح العالم هي الآن وفي المستقبل مع العرب وليست مع إسرائيل .