وأتت ترجمة اللقاء العسكري رفيع المستوى الذي انعقد بين وزراء دفاع روسيا وسورية وإيران في طهران مؤخراً متوجة بزيارة لوزير الدفاع الروسي إلى سورية بحث فيها قضايا عسكرية مع السيد الرئيس لوضع تصورات لمكافحة الإرهاب وسبل تفعيلها.
الولايات المتحدة وحلفاؤها صعدوا من تهديداتهم مع تقدم القوات السورية في مكافحة العصابات الإرهابية، حيث أخرجت واشنطن من حزامها الرايات والخطوط الحمر وعادت إلى رسم ما تحلم بما يمكن أن يستجاب له، وما سرب مؤخراً عن متقاعدي الخارجية الأمريكية هو جزء من تلك الجعجعة الأمريكية الفارغة، فقد سارعت حكومة أوباما إلى نفيه، بعد أن جاءتها ردة الفعل المعنفة من الجانب الروسي.
لقد تجاوزت واشنطن طلبات التعاون لمكافحة الإرهاب التي عرضتها مراراً موسكو عليها، وذهبت بعيداً في دفع الدول الإقليمية المرتبطة بها إلى الاستمرار في دعم المجموعات الإرهابية، في محاولة منها لخلط الأوراق وإحداث ما أمكن من فوضى قبل انعقاد مؤتمر جنيف القادم، إذا كتب له أن يعقد، لعلها بذلك تضع على الطاولة ما تعتبره ورقة أو أوراق تفاوض فيها ومن خلالها على حفظ ماء وجهها بعد الخسائر المتتالية لمرتزقتها والدول الداعمة لها، رغم رعاية واشنطن وتل أبيب لهم طوال فترة الحرب على سورية وحتى الآن.
حكومة العدالة والتنمية التي لفت حبل الإرهاب باكراً حول عنقها ظناً منها أنه طوق نجاة، وإذ به طوق من نار بدأ يحرقها في عقر دارها نتيجة لهذا الدعم، وهي غير مكترثة بما أحدثه ذلك على مواطنيها.
لا يمكن لإرهاب داعش والنصرة أن ينضبط، فهو إرهاب بالأجرة يعمل وفق أجندته يستأجر للقيام بمغامرات لمصلحة هذه الجهة أو تلك، ولكنه لا يحيد عن خط الإرهاب الوهابي الذي تربى عليه في حضن أمراء آل سعود وأمراء الخليج الذين غذوا الإرهاب حتى أصبح غولاً يرعبهم، لدرجة يهرع كبير أمرائها مهرولاً على سلالم وزارة الخارجية الأمريكية خلف وزير الخارجية الأمريكي في صورة مهينة، لتذكرهم بأنهم مجرد مشغلين للإرهاب ومنفذين للسياسة الأمريكية الصهيونية، لم يكونوا ولن يصبحوا سادة مهما أنفقوا من أموال النفط في تمويل الإرهاب وضرب الاستقرار في الدول العربية.
فرنسا التي استنفرت سفنها في البحر المتوسط مع عدد من الدول الأوروبية بحثاً عن سفن تركية محملة بالأسلحة لداعش في ليبيا، كان الأجدى بها أن تضغط هي وواشنطن على حليفها التركي لوقف تدفق الإرهابيين والأسلحة من أراضيها إلى سورية والدول العربية الأخرى، بعد أن أصبحت تركيا قاعدة للإرهاب والإرهابيين وصلة الوصل بين الدول الراعية والممولة له.
فالدور الفرنسي في دعم الإرهاب لا يقل تهوراً عن الدور الأمريكي في المنطقة، مع اختلاف موازين القوى في التحكم بخيوط الإرهاب وخطوطه.
ورغم أن الإرهاب ضرب فرنسا وبلجيكا وبريطانيا واجتاز الأطلسي وضرب الأراضي الأمريكية،لم تتعظ واشنطن واستمرت في دعم الإرهاب، وربما الرهان والتعويل على ما ينتج من توظيفه سياسياً.
ومجدداً تركت لتركيا والمملكة الوهابية خيارات استئجار الإرهاب، فأي عقلية تتحكم بالقرار الأمريكي تلك التي تدعم الإرهاب وتدعي عكسه!!