هو الخلق البشري الذي لا يقبل حدوداً، وهل يوجد أعظم وأهم وأجدى من الإبداع والاختراع، وما الذي يميز المجتمعات ويحدد تطورها الا الإبداع والجديد المتجدد دائما في حياتها الاقتصادية والخدمية والاجتماعية.
ربما يكون التجسيد العملي الملموس والواقعي للإبداع والاختراع يتجلى في المجالات الصناعية والخدمية ولمشاكل تحتاج إلى حلول، لكنها على أهميتها لم تلق الدعم والاهتمام من مختلف الأطراف التي لها مصلحة في الإبداع، ولو عدنا اليوم الى تاريخ معرض الباسل للإبداع والاختراع وأحصينا عدد المخترعات التي وجدت طريقها الى العمل والاستثمار فسنجد ان النتيجة أقل من أن تذكر، وان كانت الحقيقة والواقع عكس ذلك فلنا في الأرقام الحقيقية الدليل الأقوى على صحة طرحنا من عدمه.
المعضلة الأصعب هي في «هذا العقل الذي اعتاد النقل» فسخر للنقل كل اسباب العيش والدعم وما استيراد ونقل كل ما نحتاجه في حياتنا اليومية إلا المثال الصارخ لذلك، مقابل ذلك فإننا نحارب كل فكر مبدّعٍ وخلّاق لأنه باختصار لا يحقق لنا العائدية الشخصية والمصلحية جراء استقدام ما ينتجه الآخرون ونستهلكه نحن.
الابداع الصناعي والخدمي والتجاري حاجة كبيرة، وهو الاتجاه الذي يجب أن يلقى الرعاية لا أن يقتصر الأمر على «عراضة» المعرض الذي يقام دوريا.
لكن الحاجة الكبرى للإبداع من جهة ثانية تبدو في المؤسسات العامة والخاصة التي تقدم الخدمات الاساسية للمواطن. فترى هذه المؤسسات تغرق في روتين يمتد الى عشرات السنوات دون وجود ادنى تفكير لتطوير منظومة العمل الإداري فيها، ألا تحتاج هذه المؤسسات الى العقل العام المبدع؟ لا العقل الناقل والمقلد المستمر منذ عشرات السنوات، وهذا ليس تنظيراً فكل من ينجز معاملة في الدوائر الرسمية يذوق الأمرّين قبل أن يكمل عمله.