ما يساعد الكاتب على تجاوز سطوره الأولى, ويعطيه القدرة أيضاً على الخروج من مرحلة الكمون التي تسيطر على ملكاته, وتأخذه بعيداً عن دائرة التعايش والابداع.
ورغم تعاظم الأحداث, وتحول الحكاية الروائية الى شجرة مثمرة من تفاصيل وشخصيات, تبقى اللغة, كلمات وجملاً, سيدة الموقف, بها تكتمل صورة العمل, وبها يصبح للأشياء معنى الأدب, كونها أضحت عالماً متكاملاً, ومعادلاً موضوعياً حقيقياً للحياة.
يرغب الكاتب بملء صفحاته البيض, لكنه ورغم تزاحم الأفكار في رأسه, لا يملك إرادة الكتابة, الأمر الذي يضعه في موقع لا يملك حتى إرادة نفسه, وهذا من أصعب الحالات التي يمكن أن يعيشها الكاتب, لكن الأصعب في الأمر ألا يدرك هذا الحال الذي هو فيه, وعلى أن ثمة ناراً تحت رماد هذا الكمون.
منذ أيام قليلة, عدت الى استكمال رواية جديدة توقفت عن الكتابة فيها منذ أشهر, ورغم قراءاتي لما كتبته, ولمرات عديدة, فقد وجدت صعوبة في عيش تلك الأحداث التي بنيتها.. ومع تكرار المحاولة غير مرة, انطلق سيل الكلام: كلمة بعد كلمة, وجملة بعد جملة, وصفحة بعد صفحة. لحظتها فقط أدركت أن عالماً فيّ قد تغير.