تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


قصة الشعر 3 الموسوعة الشعرية الشاملة

معاً على الطريق
الأحد 16/9/2007
برهان بخاري

اعترف أن سلسلة المقالات التي أكتبها تحت عنوان قصة الشعر هي أكاديمية ومتخصصة وجافة وقد لا يكون مكانها المناسب في الصفحة الأخيرة,لكن مضامينها ومراميها وخلاصاتها تمس أوسع قطاعات المجتمع لأنها تتعامل بالمحصلة مع المسألة التعليمية التي تقض باشكالاتها ومواجعها مضاجع الجميع.

بتاريخ 15/11/1995 نشرت مقالاً في صحيفة تشرين تحت عنوان (مجلس الشعب والامتحان ) تناولت فيه مسألة ضرورة انغماس مجلس الشعب في معالجة المسألة التعليمية وانتزاعها من براثن الاختصاصيين وكسر طوق الاحتكار الذي تمارسه وزارة التربية والتعليم عليها واعتبارها مسألة سياسية بالدرجة الأولى.‏

فمهما طال الزمن لا بد من ربط التعليم بأهدافه وعلى رأسها الانتاج والتنمية المستدامة فكفى أبناءنا وبناتنا عنتاً ومشقة وضياعاً وتشتتاً في الحصول على الثانوية العامة واعادة التقدم اليها مرة أخرى للحصول على علامات أعلى والدخول الى اختصاصات مفروضة عليهم حسب نظام المفاضلة ومن ثم يأتي التخرج ومن بعده التسكع الى حين الحصول على وظيفة والتي بالكاد يغطي راتبها أجور المواصلات والحاجات اليومية.‏

لا أعرف ما إذا كان ضمن لجان مجلس الشعب لجنة خاصة بالمسألة التعليمية وإذا كانت موجودة فلي الشرف أن اجتمع مع أعضائها لأمدهم بدراسات مستفيضة واقتراحات عملية ناجحة حول هذه المسألة.‏

وإذا كانت هذه اللجنة غير موجودة ولا تتوفر نية لإنشائها فما علينا إلا أن ننتظر تشكيل مجلس الشورى الذي تحدث عنه الرئيس بشار الأسد لنرى ما إذا كان سيتناول مسائل حيوية على هذا المستوى.‏

ويبقى السؤال الجريء الذي يطرح نفسه في المحصلة الأخيرة هو ما لزوم الشعر وما حاجتنا إليه وعلى الأخص الشعر الحماسي والقومي والسياسي والطبقي والايديولوجي الذي جعلنا نتعامى عن الواقع ونستخف بمعطياته ومكوناته ولا نتعرف حتى على مواقع أقدامنا ونستهزئ بالتالي بخفة بالاستعمار مرددين بعنترية عز نظيرها... باريز مربط خيلنا.‏

أما السؤال الثاني الذي يطرح نفسه فهو ما وظيفة العروض وما نفعه إذا كان عميد الأدب العربي!!! طه حسين قد نسف الشعر الجاهلي من جذوره واعتبره منحولاً ومزوراً ولماذا نفرضه كمادة سقيمة على طلابنا طالما أن شعراء أمثال نزار قباني وأدونيس ومن لف لفهم شنوا هجوماً لا يعرف الرحمة على الشعر العمودي المقفى وطالما أن غالبية شعراء الحداثة يكتبون نوعاً من الشعر الحلمنتيشي الذي لا علاقة له باللغة وبالشعر أصلاً ليكون له علاقة بالعروض.‏

ثمة شيء جوهري وخطير حول الاهاب السوري فمن المتفق عليه أن سورية الطبيعية أو السياسية هي مهد القومية العربية وأن دمشق هي قلب العروبة النابض وأن محاولات عزلها اليوم من قبل الأعراب والمتأسلمين والمعادين للعروبة والاسلام هي بسبب هذه الحقيقة لكن سورية لم تقم بدورها كما يجب بمعنى تغيير البنية التراثية والثقافية والمعرفية للعالم العربي ولم تكن الثورات التي اندلعت فيها إلا نوعاً من الانقلابات العسكرية التي كانت تهدف الى استلام الحكم وتغيير الواقع السياسي من دون أي تفكير جدي وحقيقي وعميق بالثورة على التخلف الفكري والثقافي والتراثي والديني وبنسف الذهنيات المهترئة المتموضعة منذ قرون طويلة.‏

وفي عام 1986 وبعد أن أمضينا ثلاث سنوات في تجربة البرنامج الحاسبي لتقطيع الشعر عروضياً خرجت باستقراء أولي أن ثمة أكثر من ثلاثة آلاف شاعر جاهلي وفي احدى الجلسات الاسبوعية الحميمية الخاصة مع توءم الروح الراحل عدنان بغجاتي قال لي اسمع يا صديقي إن أكبر متخصص بالشعر بالكاد يعرف مئة شاعر جاهلي.. اسمع مني وانشر أسماء هؤلاء الشعراء والى جانب كل شاعر بيت واحد فقط من شعره.‏

كان علي وقتها أن آخذ اقتراحه بمنتهى الجدية,وانتهز هذه الفرصة لإعطاء بعض المعلومات عنه فإلى جانب كونه صديقا مخلصاً وغيورا وموضوعيا فهو خريج ادب عربي وعمل مديرا لثانوية جودة الهاشمي عام 1963 ثم مديرا للتربية ثم معاون وزير التربية ثم وزيراً للتربية وشغل منصب رئيس تحرير صحيفة الثورة ثم رئيس تحرير صحيفة البعث ثم اصبح رئيس اتحاد الكتاب وترجم ديوان الشاعر الاسباني العالمي لوركا ثم ترجم اشعار الهايكو اليابانية ولكل هذه الامور مجتمعة كان علي ان آخذ بنصيحته بمنتهى الصرامة والجدية وهكذا شرعت في تنفيذ المشروع الذي اقترحه.‏

وبعد عدة اشهر من العمل رأيت ان المشروع شبه مستحيل فإذا اعتمدنا الترتيب الابجدي فإن لكل شاعر عددا من الاسماء والالقاب المختلفة والمصحفة والتي تعج بالتحريفات والأخطاء ووصلت بعدها الى نتيجة انه لا يمكن الا اعتماد مبدأ التسلسل التاريخي والذي يخدم في الوقت نفسه مشروع المعجم التاريخي للغة العربية.‏

وبما ان الجاهلية التي تمتد الى خمسة قرون قبل الهجرة تعتبر قطعة زمنية واحدة لدى كل الباحثين فلم يكن بالإمكان حل المشكلة إلا عن طريق وسائل اخرى مبتكرة وعلى رأسها علم النسب وهكذا انتقلت الى ميدان آخر الامر الذي لم يجد له معظم الاصدقاء تفسيرا او تبريرا مادفعهم الى اتهامي بالانتقال من دون لحظ الوشيجية القائمة بين هذه الميادين.‏

وبعد عمل طويل على علم الأنساب توصلت الى قانون يتلخص بان كل ثلاثة اجيال تشكل قرنا واحدا,وبعد استخدام المشجرات الحاسبية المتطورة خرجنا بنتائج مبهرة منها على سبيل المثال ان الرسول صلى الله عليه وسلم هو الحفيد 21 لعدنان وان غالبية الصحابة هم في نفس الجيل بصرف النظر عن قبائلهم فأبو بكر وعبد الرحمن بن عوف وخالد بن الوليد والزبير بن العوام ومئات الصحابة هم من الرتبة ذاتها أي الأحفاد 21 لعدنان,وكان من نتيجة ذلك إثبات ان معد بن عدنان قد عاصر المسيح عليه السلام كما اثبت بالوثائق الدامغة ان عدنان هو الحفيد العاشر لقحطان مايعني انتفاء وجود العدنانية والقحطانية او القيسية واليمانية التي احرقت بعصبيتها الاخضر واليابس.‏

ولقد نشرت هذه الوثائق في عدد من الصحف والمجلات من دون ان يكترث احد بهذا الموضوع الخطير واكتشفت بعدها ان مؤامرات الصمت ناجمة إما عن تحالف الأغبياء والأدعياء والمرتزقة او عن ضعف الحيلة وانعدام الوسيلة وهشاشة البضاعة.‏

لن اطيل لكنني ساكتفي باعطاء مثالا تطبيقيا واحدا على تلاحم الشعر و النسب فالجد الجامع لعائلة الشاعر طرفة بن العبد الذي مات حوالى عام 80 قبل الهجرة هو ضبيعة بن قيس بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل , وبكر بن وائل هو أخو تغلب بن وائل واللذي قامت بين نسليهما كل تلك الحروب.‏

ونسب طرفة بن العبد هو طرفة بن العبد بن سفيان بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس , وأبو جده سعد بن مالك هو شاعر, وعمرو بن قمينة بن ذريح بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس صديق امرئ القيس هو شاعر وهو في نفس المرتبة النسبية مع طرفة بن العبد وعمرو بن مرثد بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس هو شاعر أيضاً وهو في مرتبة عم طرفة والمرقش الأصغر بن حرملة بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس هو شاعر وهو بمرتبة عم طرفة والمرقش الأكبر بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس وهو شاعر وهو في مرتبة أخو جد طرفة وجحدر بن ضبيعة بن قيس هو شاعر وهو بمرتبة جد جد طرفة وقد كان قائداً في حرب يوم التحاليق التي هي جزء من حرب البسوس الأمر الذي جعلنا نفترض بشكل علمي أن حرب يوم التحاليق جرت حوالى 190 قبل الهجرة.‏

قد لا يصدق أحد أن ما بين أيدينا من شعر مجموع ضمن دواوين لا يعادل واحداً من عشرة آلاف من الشعر العربي وتصوراتي الأولية أن موسوعة الشعر الشاملة التي أقوم باعدادها ستحتوي على نصف مليون شاعر ولم لا طالما أن موريتانيا تسمى بلد المليون شاعر.‏

وإنه لأمر مؤسف أننا في سورية لم نحاول جمع الشعر السوري أو الشامي وبصرف النظر عن أشكال الشعر في مختلف المحافظات فلقد أتيحت لي فرصة التعامل مع شعر الساحل والجبل عن طريق الصديق أحمد حرفوش الذي أكد لي وجود أكثر من نصف مليون بيت غير مطبوع.‏

وبصرف النظر عن الشعراء العمالقة من أمثال بدوي الجبل ونديم محمد فلقد فوجئت على سبيل المثال بديوان الشيخ محمد حمدان الخير تلك القامة الشعرية الباسقة والمتميزة فديوانه المؤلف من 4873 بيتاً والموزعة على 286 قصيدة وعلى 9 أبحر هو قمة في الإدهاش.‏

وأسارع الى القول إن ما يعنينا في الشعر هو الشاعرية والجزالة والفحولة وليس الأغراض والانتماءات فقد كتب أتباع الديانات الثلاث شعراً بالعربية على اختلاف مذاهبهم وطوائفهم وأعراقهم وكنائسهم وكنسهم وكتب الى جانبهم الملاحدة والزنادقة والماجنون.‏

تعليقات الزوار

أيمن الدالاتي - الوطن العربي |  dalatione@hotmail.com | 16/09/2007 00:23

أعتقد أن مايفيدنا في حياتنا من ماضينا هو التراث الذي يمكن أن يبقى حيا وبالتالي يصبح معاصرا, ولاأسف على وضع الباقي على رف المتحف, وإذا كان جهد الكاتب بأمر الشعر الجاهلي مثلا وكما يقول ينحصر في الشاعرية والجزالة والقحولة, فليت نتاجه يكون دعما قويا حيا ومعاصرا للشعر العامودي في وجه من نسفه من الكبار المعاصرين, فرغم كل هذه الأطنان من الشعر الحديث مازال الشعر العربي قوي الظهر بالشعر العامودي. أما بخصوص موقع سورية من العروبة فأنا مع الكاتب بأنه القلب والمركز, إنما كسوريين لم نقم بواجبنا كما يجب, مع أننا لم نكن سلبيين بل كنا لوحدنا, وكأن بقية العرب من العامة ينتظرون أن تنتصر سورية حتى يقفوا معها, أي وللأسف ليس عند الحاجة.

بروفيسور محمد البخاري |  bukhari@tshtt,uz | 16/09/2007 06:54

أستاذ برهان: نعم انغماس مجلس الشعب في معالجة المسألة التعليمية هو ضرورة حتمية لأنها مسألة سياسية بالدرجة الأولى ولكن لا يحق للمجلس انتزاعها من أيدي المختصين وكما ولا يمكنه كسر طوق الاحتكار الذي تمارسه وزارات التعليم العالي، والتربية والتعليم عليها لأنها الوزارات المختصة في السلطة التنفيذية وفق الدستور. وما تقوله عن ربط التعليم بأهدافه وعلى رأسها الإنتاج والتنمية المستمرة فهو عنوان دائم لكل المؤتمرات واللقاءات والندوات التعليمية والتربوية التي جرت في سورية وغيرها من الدول العربية طيلة العقود الأربعة الماضية التي تابعتها من خلال دراساتي العلمية. وأذكر اللقاء الذي أتحته لي صيف عام 1993 في إحدى جلساتكم الأسبوعية الحميمية الخاصة مع توءم روحكم الراحل عدنان بغجاتي والذي تفضل مشكوراً حينها بالإجابة على جملة أسئلة وجهتها حينها لعدد من المختصين بمساعدة الوزارات المختصة في وطني الغالي سورية وأفادتني الإجابات التي حصلت عليها آنذاك جداً لانجاز رسالة الماجستير التي كنت على مشارف الانتهاء منها في ذلك العام وهي بعنوان دور وسائل الإعلام في الجمهورية العربية السورية في التنمية والتعليم والثقافة ولعلك تذكر الحديث الذي دار أثناء ذلك اللقاء الذي تم قي بيتك بالمزرعة. وأضيف أني أهديت نسخة من الأطروحة بعد الدفاع عنها في طشقند لوزارة الإعلام، ومكتبة الأسد الوطنية. ولا أخفيك أني أتابع ما يتسر لي من كتاباتك عبر الصحافة والتي يسرتها الصفحات الإلكترونية مؤخراً ولكن ما يحز في نفسي أنك لم تسمع النصيحة التي أعطاك إياها توءم الروح الراحل عدنان بغجاتي في عام 1986 لأنك لو حذوت حذو مؤسس مجلة الضاد الحلبية عبد الله يوركي الحلاق وأصدرت نشرة أسبوعية لا أكثر لكان تهافت على شرائها والاشتراك بها منذ ذلك العام آلاف طلاب الثانويات الأدبية وكليات الأدب العربي، والتربية، ومعاهد الصف الخاص، والتربية، والمهتمين على مساحة الوطن العربي وغيرهم. وأصدقاؤك في دور النشر والتوزيع كثيرون كثيرون ولكان حتى اليوم قد صدر من تلك النشرة لا يقل عن ألف عدد أو مليوني نسخة على أقل تقدير وتلك الأعداد كان يمكن أن تكون نواةً لإصدار الموسوعة المنتظرة والأكثر أن الأعداد الصادرة والمباعة كان يمكن أن تكون مخزوناً للصفحة الإلكترونية لو أحدث

عزالدين  |  romancy_man2@hotmail.com | 03/10/2007 22:41

استاذي الكريم احضر رسالة ماجستير بعنوان ( الجودة في التربية والتعليم ) هل تفيدوننا ببعض اسماء المراجع والمصادر وجزاكم الله كل خير

ابن عبد الله الأخضر  |  ali501950@yahoo.fr | 06/10/2007 16:52

بسم الله الرحمن الرحيم من الأستاذ الدكتور ابن عبد الله الأخضر قسم الترجمة جامعة وهران الجزائر إلى أخينا الفاضل الدكتور برهان بخاري سلام الله عليكم وبعد: أكون لأخوتكم من الشاكرين لو تفضلتم بمدنا بالعنوان البريدي الإلكتروني أو غير الإلكتروني لكم وذاك ربطا للاتصال ومزيدا من التعالرف المعرفي والله يجزيكم عنا خيرا والسلام

سلمو  |  slmoo1992@hotmail.com | 13/07/2009 17:54

أريد الموسوعة الشعرية الكاملة

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 برهان بخاري
برهان بخاري

القراءات: 1411
القراءات: 1322
القراءات: 1768
القراءات: 3121
القراءات: 3197
القراءات: 2220
القراءات: 2014
القراءات: 1275
القراءات: 2307
القراءات: 1683
القراءات: 1686
القراءات: 1594
القراءات: 1466
القراءات: 1620
القراءات: 1328
القراءات: 1361
القراءات: 1569
القراءات: 1554
القراءات: 1607
القراءات: 1356
القراءات: 2455
القراءات: 1439
القراءات: 1349
القراءات: 1553
القراءات: 1845

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية