أشبه مايكون بتدافعهم الأخير في سنة (2009) أمام النوافذ المخصصة لاستلام شيكات الدعم المازوتي.
إن وجه الشبه بين التدافعين هو أن عملية توزيع المادة إذا انتهت على خير ،أي من دون نقل سيارتي إسعاف أو ثلاث إلىالمستشفيات ، ترى الناس الذين كانوا يتدافعون ويتعايطون ويتبادلون الكلمات النابية يلتفت الواحد منهم إلى الآخر ويحتضنه و(يطرقه) ستين بوسة، كل بوسة أقوى من كاسات الهوا، قائلاً له:
- الحمد لله على السلامة ياأخي!
ولم يقف بعض أصحاب الحل والربط في تلك الآونة، أعني الثمانينات، مكتوفي الأيدي حيال هذا الوضع المتأزم ، فأعملوا عقولهم ، وتأملوا الوضع ،وفكروا في إيجاد حلول لهذه التجمهرات والتدافعات والمعايطات والتساببات، فطلعوا بنتيجة يستحقون عليها أن يسحبهم الواحد من أيديهم ويركض بهم إلى أقرب مزعبر ويكتب لهم حجابات تقيهم من العين ومن شر حاسد إذا حسد، وهي أنهم قرروا تسجيل ما يستلمه المواطن من مواد تموينية على دفتر العائلة الخاص به!
نظرياً: يجب أن يكون دفتر العائلة الخاص بالمواطن نظيفاً، مجلداً على نحو أنيق مطوياً بطريقة تمنع حوافه من الانكسار ،ولا يستخدمه المواطن إلا في المناسبات الحلوة ، كاصطحاب زوجته ، وتسجيل مولود جديد يفتح العين من العمى على صفحاته،...الخ.
وأما دفاترنا العائلية في تلك الأيام، فكانت فرجة لمن يريد أن يتفرج ، وينبسط ، ويروق .تمسك الدفتر فتجده عتيقاً مجعلكاً ملوثاً بالزيت، وعلى الغلاف الأول والأخير تجد ملاحظات من قبل أسطوانة غاز بتاريخ 16/3/1986 - التوقيع بائع الغاز الجوال أبو سمعو.
كيس برتقال يافاوي بتاريخ 15/4/1986 - شركة الخضار، الوزان أبو درويش.
تسجيل دور لاستلام حديد وإسمنت من أجل صبة مجلى منزلي، بتاريخ 5/1/1987 - مؤسسة أنتروميتال - أبو ابراهيم.
علبة سمنة فيجتامين ، الجمعية التعاونية الاستهلاكية، 15/2/1987
بالمناسبة: ورغم كل هذا الحرص على الحياة المعيشية للمواطن ، كان الحرامية أكثر من حبات السكر والرز التي كانوا يوزعون قسماً منه على دفاتر العائلة ويشفطون الباقي ، ليته لاينفعهم!