تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أموال و.. ضمائر!

معاً على الطريق
الاحد 18/12/2005م
د. اسكندر لوقا

بين حين وآخر, يستيقظ ضمير هنا أو هناك, فيشعرك بأن الدنيا ما زالت بخير, وبأن الإنسان لم يمت في الإنسان,

وبأن المستقبل يمكن أن يكون أفضل من الحاضر. على هذا النحو عاتب (بيل غيتس) صاحب شركة مايكروسوفت لبرامج الكمبيوتر, منذ فترة قريبة, الدول الغنية كونها تتقاعس في أداء واجبها تجاه الدول الفقيرة والنامية حول تقديم العون المالي لها لمواجهة الأوبئة التي تجتاحها, وما قد يستتبع ذلك من كوارث إنسانية.‏

وفي هذا السياق أعلن بيل تبرعه بمبلغ 450 مليون دولار, لمصلحة الأبحاث الطبية في دول العالم النامي.‏

وبطبيعة الحال فإن موقفاً كهذا, ولا نقول مجرد نبأ كهذا, لابد أن يثير في نفس القارئ ما يستدعي السؤال: لماذا لا يسعى آخرون أيضاً قد لا تقلّ ثرواتهم عن ثروة بيل غيتس لمساعدة مراكز الأبحاث الطبية في دول العالم الثالث, سواء كانت نامية أم تحت سقف الفقر, حرصاً على نظافة الكون من الأوبئة التي تقتل الناس, على غرار وباء السيدا أو السل أو السرطان وما يندرج تحت عناوين مماثلة, لماذا?‏

إن مؤسسة غيتس, بموقفها هذا, بكل تأكيد, لا تبحث عن شهرة فوق شهرتها, ولا تسعى لنيل جائزة دولية أو شهادة تقدير كما تسعى إلى ذلك بعض المؤسسات في أحيان كثيرة. إنها, بموقفها هذا, تسعى لإيقاظ الضمير في الإنسان بغض النظر عن العرق الذي ينتمي إليه أو المعتقد الذي يدين به, ولأن مجرد أن يتخطى الإنسان هذه المعادلات - ولا نقول إنها العنصرية - يحقق الغاية من سيره على الدرب باتجاه الآخر, مهما كان هذا الآخر بعيداً عنه, ومهما كانت جنسيته.‏

إن العلاقة بين الإنسان وضميره, حين تتجاوز الذات إلى ما وراءها, تغدو رسالة أو شبه رسالة, يحقق الإنسان, من خلالها, حضوره في المجالات الأرحب من البيئة التي ينتمي إليها بحكم الولادة أو المعايشة, وبذلك فقط يكون جديراً بأن يحكي التاريخ عن أفعاله وليس فقط عن أقواله.‏

بهذه الرؤية, يمكن لأحدنا أن يصدر حكمه ال (مع) أو ال (ضد) تجاه من يملك ويرى من هم بحاجة إلى مساعدات إنسانية, أو من يملك ولا يرى من هم بحاجة إلى مثل هذه المساعدات, مهما كانت متواضعة, لدعم أبحاث علمية هدفها, بالدرجة الأولى, إبعاد شبح المرض عن الإنسان, لأن المرض, بحد ذاته, عائق لابد من إزالته وصولاً إلى مجتمع يتمتع بالجسم السليم كي يتمتع بالعقل السليم.‏

إن وقفتي مع هذا المتبرع أو ذاك ممن يؤمنون بالعطاء رسالة إنسانية يؤدونها من تلقاء أنفسهم, كونها جاءت نبأ لافتاً للانتباه في زحمة التسابق على اكتناز المال كأي هواية يمارسها إنسان هذا العصر, خاصة أننا قرأناه في مناسبة انعقاد جلسة كانت أعدت لها منظمة الصحة العالمية في مدينة جنيف السويسرية مؤخراً. من هنا كانت الإشارة إلى مؤسسة بعينها, وإلى شخص بعينه. ومن هنا كان العنوان حول أوبئة تنتظر أموالاً, وأيضاً كانت الإشارة إلى إمكانية يقظة ضمير هنا أو هناك, كي نشعر بأن الدنيا, على رغم وجود ما لا يحصى من حملة الضمائر الميتة من حولنا, على وقع الأحداث التي نعيشها في أيامنا هذه, ما زالت بخير. ولكن ترانا نبالغ في تفاؤلنا?‏

تعليقات الزوار

أيمن الدالاتي |  dalatione@hotmail.com | 17/12/2005 23:10

لولا المحسنون لتفرد الشيطان بكل الأرض , إنما إحسان بيل غيتس وغيره من عظماء المحسنين ليس لتجاوز الذات الإنسانية وماوراءها بل لتأكيد الذات بمد يد العون من المستطيع للمستضعف, فالضمير الحي والأخلاق النبيلة من المكارم توصل الإنسان القوي أيا كان بالإنسان الضعيف أينما كان.

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 د . أسكتدر لوقا
د . أسكتدر لوقا

القراءات: 936
القراءات: 1289
القراءات: 1242
القراءات: 1184
القراءات: 1234
القراءات: 1356
القراءات: 1229
القراءات: 1276
القراءات: 1302
القراءات: 1696
القراءات: 1225
القراءات: 1212
القراءات: 1815
القراءات: 1213
القراءات: 1372
القراءات: 1249
القراءات: 1216
القراءات: 1427
القراءات: 1287
القراءات: 1282
القراءات: 1185
القراءات: 1317
القراءات: 5733
القراءات: 1271
القراءات: 1360

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية