في جذب القراء.على أن تناول مثل هذه الموضوع غالبا ما يتطلب التوصيف الجيد من كاتبه,لا سيما في ضرورة العودة الى جذور هذه المقاهي,والضرورات التي جعلت منها منبرا من منابر الثقافة,ومجمعا لأهل القلم والعلم.
فمقهى الهافانا-على سبيل المثال-يختزن ذكريات وطنية وثقافية قلّ نظيرها,ولا يستطيع الباحث هنا إلا المرور عليها وتفسير مبعث الحراك الذي شهدته في ظل تقلبات سياسية وتيارات ثقافية ,كانت في زمنها ذات شأن كبير.
ومثلها مقهى البوكمال,الذي ترتاده نخب ثقافية بعينها جعلت من هذا المقهى دلالة شفوية إلى تيار معين,له رؤيته وتوجهاته.. وكذلك الأمر بالنسبة لمقهى الروضة,الذي ما يزال حتى الآن,في أوج نشاطه الثقافي,ولعل مرتاديه من نخب ثقافية سورية وعربية,يشير الى أهميته,كونه في واقع الحال معلما ومجمعا لهم.
ولا يقتصر هذا الحال بدمشق فقط,فمن خلال معايشتي لواقع الثقافة بحلب,فإن ثمة مقاهي تشهد يوميا تجمعات لأدباء ومثقفين,وتدور فيها سجالات أدبية وثقافية,الأمر الذي يجعلها جزءا من نسيج المدينة ومعلما معالمها الحضارية يحدث أحيانا أن يساء الى مثل هذه المقاهي,كأن تحوّل الى محال تجارية, لكن المهتمين بها,غالبا ما ينتصرون لتاريخها,وغالبا أيضا ما يكسبون هذه المعارك,ولعل خير مثال على ذلك,ما حدث مع مقهى الهافانا, الذي عاد الى سابق عهده.
ومع إيماننا بهذه المعالم التاريخية الجميلة,التي نسعى الى الحفاظ عليها,فإن واقع الحال,وللأسف الشديد,يشير الى أن ثمة تمددات تستقطب الأدباء والمثقفين,ومع هذا أيضا,فإن العودة الى تلك المقاهي,باسمها وتاريخها,تسيطر على الوجدان,والعودة إليها أمر لا يستطيع المرء تحديه.