المتابع لحركة الأدب في سورية والوطن العربي سوف يلاحظ أن النقد في إجازة مفتوحة..لماذا؟
أسئلة مربكة..لكنها توصف الواقع الأدبي والاجتماعي والسياسي..إذ يمكن أن نقرأ هذا الغياب من زاوية نظر أخرى..فالفراغ يشاهد بمحيطه وليس بموته..
ونظرة سريعة على الدوريات التي تقع على عاتقها مهمة الرصد والمتابعة النقدية سوف نلاحظ أن معظم ما ينشر تحت مسمى (نقد) هو في معظمه متابعة صحفية بالكاد تتجاوز ميدان الخبر والتقرير..والسبب هو أن القائمين على تلك الدوريات لديهم شبكة مصالح شخصية مع الكتاب الذين يعتبرون أنفسهم فوق النقد، فيتم رفض الدراسات المعمقة للنصوص الأدبية..ومع الزمن ينسحب الناقد الجاد والحقيقي الذي لا يجد منبراً لكتاباته..ينسحب من النشر وتدريجياً ينسحب من الحياة.
معظم الكتاب ينظرون إلى منجزاتهم على أنها غير قابلة للمس..كأنها نصوص محصَّنة ضد النقد..ويعتبرون كل نقد يتناول نصوصهم هو نقد يتناول شخصياتهم والقصد منه التشهير بهم والإساءة إليهم.
وهذا يكشف أحد جوانب المسألة، فالنقد يحتاج إلى فضاء حقيقي لا تعكره الشخصانيات، بقدر ما يحتاج إلى فضاء من الحرية في جعل أي نص قابل للمساءلة النقدية، دون أن ننسى بأن غياب النقد هو بحد ذاته مادة يمكن قراءتها نقديا على المستويات كافة..ثقافيا واجتماعيا وحتى اقتصاديا.
لكن يبدو أن غياب النقد والنقاد هو مدعاة فرح لأنصاف المواهب لأنه يجعلهم على درجة واحدة مع الكبار..وهؤلاء هم الذين يقولون أنَّ النقد غير فاعل ..المفارقة أن هذه العبارة سمعتها من شاب لم يبدأ بعد بكتابة مسودة روايته الأولى بالطبع!!