وقد كان القطاع الخاص في الماضي ما يطلق عليه البورجوازية الوطنية التي ساهمت في تأسيس الصناعة والتجارة وتقاليد العمل.
لكن المشكلة دائماً مع الوحوش الذين يريدون التهام جهد العامل ومن ثم التهام العامل ومستقبله عبر شرعنة ظلمهم واستعبادهم له.
بحجة تشجيع الاستثمار واستقدام رؤوس الأموال المستثمرة وإغراء المستثمرين نجعل العامل في مهب الريح ، ونتيح لرب العمل فصله في أي لحظة . وإذا كان عملك وبيتك في السويداء أو درعا وأراد رب العمل فصلك فإنه ينقلك إلى القامشلي، وحين ترفض يفصلك بقوة القانون . لكن انتبه لقد ضمن لك القانون راتب شهرين عن كل سنة. تستطيع تحصيلها في المحاكم خلال سنوات وبعد أن تدفع ضعف المبلغ للمحامي .
أحد المسؤولين الاقتصاديين دعا المستثمرين مرة: تعالوا إلينا فلدينا عمالة رخيصة . لدينا عامل (بلاش) ويضيف عليه الآن عبارة (تستطيعون فصله حين لا يكون عبداً ذليلاً بين يديكم).
بدلاً من استغلال الاستثمار لتشغيل العامل واستيعاب البطالة بأجر محترم ، فإننا نذلّ عمالنا .
أقول لكل هؤلاء : إن أعلى درجات الإنتاج تتحقق حين يشعر العامل بالأمان وحين يكون أجره عادلا وكرامته محفوظة ، وإلا فإنه قادر بألف وسيلة على تخريب الآلة وإلحاق الضرر برب العمل .
أيها السادة الذين صغتم القانون والذين صوّتم على القانون والمسؤولين الذين عملهم الأساسي حماية العامل والذين زيّنوا هذا القانون أقول لكم : إن تشجيع الاستثمار أولاً يكون عبر قتل وحش الروتين في إصدار رخص المشاريع وتسهيل إجراءات التصدير والاستيراد وضمان تقاضٍ عادل يفصل في المخاصمات بين المستثمرين وشركائهم ، لا بالاعفاءات الضريبية الهائلة التي عوضتموها من جيوبنا ، ولا برمي العامل ومستقبله في الشارع .
إذا أراد مستثمر الحصول على رخصة مشروع فإنه يحتاج موافقة عشرين جهة وكل جهة فيها عدة مسؤولين . هذا يريد ربع الكعكة وهذا يريد نصفها وذاك يريد الكعكة كاملة وتقليع صاحب الرخصة. وذاك لا يحب الكعك وربما يحب الكاتو . وتأخذ الأمور سنة وتنتهي غالباً بمغادرة صاحب الرخصة ، بينما في أي مكان تحتاج أقل من أسبوع وتظل الكعكة لصاحبها . وتتساءلون كيف بنت الدول اقتصادياتها ؟
حين قرأت جوزتي الزاوية قالت : تريد تحصيل حقوق العمال وهل حصلت على حقوقك خلال 25 سنة في عملك ؟ قلت لها : وهل حصلت على حقوقك مني حتى تطالبيني بتحصيل حقوقي من الآخرين ؟ (الشغلة كلها فايتة ببعضها).