قلت: سأعفيك من السلام والتحية ، وسأتي معك على نغمك وأسألك : خير إن شاء الله ؟ماهو الشيء الذي يجنن؟
قال: بصراحة أنا طلع لي ميراث من الوالد ، مبلغ في حدود مليون ليرة . ومن وقتها بدأت المشكلات ذهبنا لنشتغل في التجارة ، قالوا لنا: لازم يكون عندك سجل تجاري .
قلت: هذه بسيطة ، استخرج سجلاً تجارياً.
قال: لقد فعلت . ولكن ، وبمجرد ماسمعت زوجتي أنني استخرجت سجلاً تجارياً طق عقلها . وصارت تتحدث بطريقة الرامي رشاً وتقول لي: مزقه قطعاً صغيرة وارمه في أقرب حاوية، أو عد به إلى غرفة التجارة واطلب منهم أن يلغوه ويعتبروه وكأنه ماكان ،أو تنازل عنه، نحن لايلزمنا سجل تجاري!
قلت: غريب هذا الموقف من أختنا أم الجود، على علمي أنها متعلمة وتعلّم الأولاد في المدرسة، فلماذا تقف ضد السجل التجاري؟
قال: أنا سألتها السؤال نفسه، فأجابتني بأنها سمعت من الناس أن من يمتلك سجلاً تجارياً لايحق له أن يأخذ العشرة آلاف ليرة سورية الخاصة بالدعم المازوطي ، وقالت لي بالحرف الواحد: إن البرد هو سبب كل علة ، فإذا بردنا أنا والأولاد وصرنا نطق سناً بسن فإننا سنضطر للذهاب إلى الدكتور، واليوم لا يوجد دكتور يعاينك ويكتب لك (راشيتة) مثل أيام زمان، فكلهم يحيلون المريض إلى المخابر للتحليل ، والتصوير الطبقي المحوري، والإيكو والميكو ،والرنين والمنين.. يعني بودك تخرب بيتنا قبلما تبدأ بالتجارة؟
قلت لأبي الجود: وماذا فعلت؟
قال : فكرت أن أشتري بيتاً صغيراً، في حدود غرفتين ومنافعهما ، وأؤجره فنستفيد من أجرته .هنا جن جنون أختكم أم الجود وقالت لي: هه، بودك يصير عندنا بيتان ، وجماعة الدعم المازوطي يعتقدون أننا أغنياء ويحجبونه عنا؟
قلت: إذن ياأبو الجود مالك غير أن تشتري بهذه النقود سيارة( وتتبهنك) بها أنت والعيال، وعمره ماأحد يرث.
قال: الله وكيلك فكرت بهذا الشيء. ولكن أم الجود هذه المرة أمسكت بخوانيقي وأخذت تضغط حتى كادت تخرج روحي وهي تقول:
- مابك اليوم يارجل؟ أنت حاطط حطاطك من الدعم المازوطي ، ومصرّ أن تموتنا من البرد أنا والولاد؟ هيئتك مابتعرف أن من يمتلك سيارة يُحرم من الدعم؟