ورغم تعرضها للكثير من المحطات التآمرية منذ ولادتها عام 1919 أي أن عمرها الآن أكثر من/ 94/ عاماً إلا أنها تثبت ذاتها أمام كل العواصف، وكأنها تريد أن تقول إنني لا أتفق مع قول عالم الاقتصاد الأمريكي ( جون كينيث غالبريث) الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد عندما قال ( لطالما أرقت النقود الناس بصورة أو بأخرى، فهي إما متوافرة لكنها غير مأمونة العواقب أو محل ثقة لكنها شديدة الندرة )، وقد تعرّضت ليرتنا لعدّة تحوّلات خلال حياتها ومنها نذكر على سبيل المثال وليس الحصر: أنها حلّت محلّ الليرة العثمانية عندما كانت سورية محتلة من قبل الدولة العثمانية.
وفي عام 1919 خضعت لقوانين الاستعمار الفرنسي الغاشم وكانت قيمتها تعادل /20/ فرنكاً فرنسياً ، وتستخدم في سورية ولبنان، و بعد عام 1937 وظهور الليرة اللبنانية بقي التعامل بالليرة السورية بشكل أساسي داخل الأراضي السورية، وفي عام 1941 ارتبطت بالجنيه الإسترليني وأن الجنيه الواحد يعادل /8,83/ ليرة سورية، ومنذ عام 1947 أي بعد اتفاقية ( بريتون وودز ) واعتماد الدولار كعملة أساسية في العالم بسبب التراجع في قيمة الجنيه الإسترليني المرتبط بتراجع الاقتصاد البريطاني وتقدّم الاقتصاد الأمريكي واعتمد سعر الصرف في ذاك الوقت أن كل دولار أمريكي يعادل /2,19/ ليرة سورية.
وفي عام 2006 تمّ فكّ ارتباط الليرة السورية بالدولار الأمريكي وفي عام 2007 تمّ ربطها بحقوق السحب الخاصة (SDR) التي يصدرها صندوق النقد الدولي، وتتضمن هذه الحقوق النسب التالية ( 44% بالدولار - 33% باليورو - 11% بالجنيه الإسترليني- 11% بالين الياباني )، ويعيد صندوق النقد الدولي تقييم هذه العملات كل /5/ سنوات وفقاً لعدة مؤشرات ومنها مثلاً : حجم كل منها في التجارة الدولية - حجمها في الاحتياطيات الدولية النقدية ...الخ.
والآن تواجه ليرتنا حرباً عالمية وتعتبر من أصعب التحديات التي تواجهها، وهذه المؤامرة تشارك فيها عوامل داخلية وخارجية، ولكننا بدأنا نتلمّس معالم انتصار ليرتنا ضدّ كل القوى الغاشمة التي تريد أن تقلل من قيمتها، وهذا يتطلب منا العمل على تشديد الإجراءات الرادعة لمنع الإساءة لها ومنع التعامل بغيرها على الأرض السورية، ويكون هذا من خلال التعامل فيها حصراً في التعاملات الاقتصادية مع الإشارة إلى أن أي علاقة اقتصادية مهما كان نوعها تؤول في مآلها الأخير إلى العلاقة النقدية، كما يجب أن تعتبر فقط كوحدة حساب في تقدير قيم السلع والخدمات على الأرض السورية، وأن تكون كوسيلة الادخار الأساسية المستخدمة في الحسابات المالية والتجارية، وهذا يتطلب بصراحة الضرب بيد من حديد لكل من يضارب أو يقامر أو يحاول الإساءة لها سواء عن قصد أم عن غير قصد، وأن نتصدى لكل المحاولات التآمرية عليها وخاصة من بعض الدول المتآمرة وأن نسعى لتعزيزها لأنه بمقدار مانعزز مكانتها بمقدار ماتعززنا والعكس صحيح.