| طرائف زراعية أبجــــد هـــوز بسبب تصرفها العجيب حينما استلمت محاصيلهم التي تقدر بألوف الأطنان، وأثمانها بمئات الملايين من الليرات السورية، ودحشتها في مستودعاتها، ثم قالت لأصحابها على طريقة الأفلام المصرية القديمة: كل اللي بيننا انتهى والحب كان أوهام! قال لي أحد المزارعين واسمه محمد جمال: نحن المزارعين لدينا عادة سيئة جداً، ولكننا لا نستطيع الإقلاع عنها باعتبارها مزمنة، وهي أننا نجني محاصيلنا كلها بالدين، ونعطي للعمال وأصحاب الآليات الزراعية وعوداً بأن ندفع لهم أجورهم بمجرد ما نقبض اثمان محاصيلنا من مؤسسة الإكثار، وكان جديراً بنا أن نتحدث إليهم بجمل شرطية، فنقول لهم، مثلاً: نحن ندفع لكم «إذا» دفعت لنا مؤسسة الاكثار، و«إذا» لم تدفع لنا يجب عليكم أن تأخذوا حسبكم الله ونعم الوكيل. وقال لي: هل تعلم يا أستاذ أن أجور بعض العمال ندفعها لهم مضاعفة بسبب هذا التأخير؟ قلت: كيف ذلك ؟ قال: أحد العتالين، وهو رجل غليظ بكل معنى الكلمة، له بذمتنا مبلغ خمسمئة ليرة، وهو يأتينا في كل يوم مرتين من أجل أن يحصل منا أجرته، ولأننا لا نمتلك نقوداً لنعطيه، فإننا نضطر لأن نرحب به، ونجلسه في صدر المجلس، ونضيفه كأساً من الشاي، وحضرته لا يشرب«حي الله شاي»، فهو يحبها ثقيلة، وعلى ما يبدو أنه متأثر بأغنية قديمة لسميرة توفيق تعتبر حلاوة الشاي نوعاً من البسط والكيف إذ تقول: يا صبابين الشاي زيدو حلاتو- اللي ما يحب الكيف لشو حياتو؟! الله وكيلك هذا العتال كلفنا حتى أكثر من خمسمئة ليرة ثمن شاي وسكر وسكائر، فخلال وجوده عندنا يترفع عن تدخين التتن العربي من علبته، ويصبح من المولعين بتدخين السكائر «الدك».. وأنا شخصياً «يتفرتك» جسدي منه حينما يضع كأس الشاي بين «شفاتيره» ويشفط منها شفطة أقوى من شفطة «السنتر فيش» الذي يسحب المياه من الأرض ويوصلها الى الطابق الخامس! وقال لي مزارع آخر، كان يصغي إلى حوارنا باهتمام: أنا لا أنزعج من العتالين ولا من الحواصيد ولا من الشوفيرية حينما يطالبوننا بأجورهم، لأنهم جماعة طفرانين ، ولا عتب عليهم، ولكن الذي يشرطني نصفين هو مؤسسة الكهرباء . أليس هؤلاء أبناء حكومة ويعلمون أن الحكومة لا تدفع لنا حقوقنا؟ لماذا يأتون إلينا اذن مثل القضاء المستعجل ويقطعون الكهرباء عن مشاريعنا إذا لم ندفع لهم الفواتير ؟ والأنكى أنهم رفعوا غرامة إعادة الوصل من تسعين إلى تسعمئة ليرة. قسماً بالله ، يا أستاذ، شيء يشق ويشرط!
|
|