بل إن ثمة وجهاً آخر لهذه الحقيقة , لعله أشد حضوراً في أي ذهن سياسي اليوم , وهذا الوجه الاخر يقول إن ثمة طريقة أو أداء ما يمكنه أن يعجز القوة المفرطة ويربكها ويردها على أعقابها مهما بلغت من التقنية والتفوق ومهما تسلحت بالعقائد الشرسة وأن حزب الله هو نموذج هذه الطريقة أو الأداء بما هو عليه من أداء عسكري وعقيدة سياسية.
ورغم الدبلوماسية الحربية النشطة والخبيثة التي تقودها الولايات المتحةد بالتنسيق مع حليفتيها فرنسا وبريطانيا لاحتواء تداعيات العدوان الاسرائيلي التي لم تكن في حسبان عواصم هذه الدبلوماسية ولا في حيز توقعاتها ولتعويض اسرائيل سياسيا ما عجزت عن تحقيقه عسكرياً ,إلا أن حقيقة المقاومة وما نجحت في تكريسه كدروس وعبر, باتت ناجزة وثابتة لا تلغيها التفافات سياسية , ولا تبددها تعويضات تتساقط من خارج ميدان الحسم , وسيظل واضحا في الاذهان أن نهج المقاومة وما ينطوي عليه من أداء عسكري وعقيدة سياسية سيكون قادراً على الوقوف في وجه اي عدوان او اعتداء اسرائيلي او اميركي , وستكون لديه القدرة على قلب وتغيير معادلات القوة وموازيها , بل ومعاييرها العسكرية والسياسية والعقائدية .
ولعل محاولات الاجهاض السياسي لما انجزته المقاومة اللبنانية من حقائق قبل انجازاتها على ارض المعركة , تذكر بالوطأة السياسية الثقيلة التي تتحملها المقاومة فوق اعبائها في اجواء سياسية هي في منتهى القذارة من تحالف دولي وتواطؤ رسمي عربي وتذكر في المقابل بأن انتصارات المقاومة ستكون مؤازرة , وحقائقها ومعادلاتهاالجديدة ستكون اشد رسوخا ووضوحا لو توفرت لها اجواء سياسية مختلفة اقل قذارة او اكثر نظافة مما هي فيه اليم وهذه حقيقة اخرى ناجزة !!