فإنه من المبكر حتى للحظة الجزم بمدى تأثير ذلك على الأرض، حيث السياسة تحتاج إلى رصيد في الأفعال يوازيها.
فرغم الحديث عن استدارة تركية تجاه الأزمة في سورية والتصريحات المنتقدة لسياسة الحكومة التركية من داخل حزب العدالة نفسها، وإعطاء الانطباع بأن شيئاً ما يمكن أن يسرّع في اعتراف تركي بخطئها في سورية، ولا ندري إن كان ذلك يتعلق بالمنهج أم بالتكتيك السياسي، فإنه يبقى مجرد تكهنات أو استنتاجات.
إذا ما زالت الحكومة التركية وأجهزة استخباراتها على حالها في دعم الإرهابيين وتشارك بشكل مباشر في معارك حلب إلى جانب الإرهابيين وتقدم لهم السلاح وتدفع بالمرتزقة إلى داخل حلب من الأراضي التركية ناهيك عن تأمين الملاذ الآمن لهم جيئة وذهاباً طيلة أكثر من خمس سنوات.
العصابات الإرهابية وخاصة في ريف حلب أغلبها تأتمر بما تمليه عليها أجهزة استخبارات أردوغان ومنها من سما نفسه «بالجيش الحر» الإرهابي الذي يحركه أردوغان ومخابراته في أي اتجاه وأي معركة يريد أن يفتحها، وبات يعمل بالأجرة مؤخراً حامياً لحدودها ومعابرها في أكثر من مكان.
فإذا كانت أنقرة ترغب «فعلاً» في المساهمة في إيجاد حل للأزمة في سورية، والتي كانت إجراءات حكومتها أحد أهم أسباب تفاقمها وخاصة في حلب وريفها، يمكن أن يطرح السؤال التالي: هل ستستمر حكومة أردوغان وأجهزة استخباراته في فتح الحدود وتزويد الإرهابيين بالسلاح والمرتزقة كما هو الحال منذ تدخلها السافر في الشؤون الداخلية السورية واستخدام أوراق مختلفة لابتزاز أصدقائها من قبل مَن تناصبهم العداء؟، أم إنها ستذعن لنداء القانون والحق ومصلحة شعبها وتوقف تدفق المرتزقة والسلاح القادم من دول إقليمية تشاركها العدوان على سورية برعاية أمريكية فاضحة؟!!
يبدو أن خلاف أنقرة مع واشنطن على مسائل أخرى مثل الأكراد وموقف واشنطن من الانقلاب على أردوغان الشهر الماضي هي التي تتحكم بسياسة حكومة حزب العدالة، وموقفها من سورية قد لا يتعدى رفع أوراق ابتزاز في وجه أصدقائها فقط.
فمازال الحديث عن إيجاد حل سياسي للأزمة في سورية بعيداً نظراً لعدم وجود رغبة لدى ساكن البيت الأبيض في التقدم بهذا الملف واستمراره بالمراوغة إلى حين قدوم رئيس جديد للولايات المتحدة.
فالانتخابات الأمريكية تجعل المغامرة في أي اتجاه تصعيدي أو تفاوضي أمراً في غاية التعقيد والحساسية لدى الناخب الأمريكي، وهو ما يجعل أوباما يراوح في المكان على أحسن تقدير.
روسيا وإيران تحاولان حالياً إقناع تركيا بأن دورها التخريبي في سورية قد شارفت صلاحيته على الانتهاء وأنه لا مستقبل لمرتزقتها في معركة تحرير حلب وهي محاولة قد يكون عليها مثل ما لها، ولكن «وربما» يحرر ذلك عقل أردوغان الذي كرّسه للإرهاب وافتعال المشاكل مع جوار بلاده، بدل أن يلتفت إلى البناء ورفاهية شعبه الذي تلوّع من الإرهاب الذي تربى في أحضان حزب العدالة والتنمية.
وآخرها التفجير الإرهابي في غازي عنتاب جنوب تركيا الذي وصلت حصيلته إلى 54 قتيلاً لا ذنب لهم إلا أنهم مواطنون أتراك في زمن حزب العدالة والتنمية المتحالف مع الإرهاب والذي فتح أراضيه وحدوده لـ«داعش» وجيش الفتح وغيرهم من مسميات لتنظيمات إرهابية لا تعرف إلا القتل وسيلة، فهل تحصل الاستدارة؟