سؤال يستوقف المتابع لقارئ المفكرة الثقافية في سورية هذه الأيام..أربع أمسيات موسيقية أو خمس في مدينة واحدة..؟ ما كل هذا الذي يجري؟
أهو طفرة عابرة..أم سلوك مقيم؟..مجموعة من الفرق منوعة المشارب ..متعددة الأنواع..مختلفة المصادر..بين محلي وغير محلي..وليمة من الموسيقا ممتدة من زرياب إلى مؤلفي الجاز في ضواحي السود الفقيرة..مروراً ببتهوفن وسيد درويش..عزف وتأليف واستماع..إبداع مضيء كأنه القمة الواضحة من جبل الجليد المغمور.. أسراره ليست كثيرة لكنه يورط كل من يحب اللؤلؤ أن يبحث عن المخفي فيه..
يبدو لي الأمر أشبه بلحظة القطاف..هناك من يستمتع بالثمرة دون أن ينشغل بجهد الفلاح وأحلامه..بينما أشعر مع كل لحظة متعة بثمار لامتناهية تنبثق في داخلي مع كل نغمة ومقطوعة وأمسية..
ومن هذه الثمار يطل طيف صلحي الوادي ذاك الزارع الذي علمنا أن الموسيقا وتطورها هو عنوان النهضة..فالكم الكبير للنوعية المميزة من الشباب السوري الذي تربى على أحلام الوادي ها هو الآن يفيض جمالا في ليل المدن..إنه جيل يقول الكثير..وقوله مسموع وحقيقي، لهذا وجد مستمعين يتقنون فن الإصغاء والانتشاء بالجمال لا فن التصفيق الغريزي..
إنه الفن حين يريد أن يقول أبعد من ذلك..
إنه الفن حين يكون انعكاسا خفيا للتاريخ.