| حكاية خريف رؤية ومع ذلك فالذين واظبوا على متابعة المسلسل ـ وإن كانوا قلائل ـ استمتعوا بلاشك بجديد حسن سامي اليوسف ونجيب نصير واللذين باتا يشكلان ظاهرة لافتة في الدراما السورية . لقد عثر هذا ن الكاتبان على صيغة شبه سحرية مكنتهما من بث سلسٍ لأفكار هامة ومقولات عميقة دون أثر للتنظير الجاف أو الافتعال أو الفذلكة ليرسخا بذلك مفهوماً مختلفاً عن الدراما الاجتماعية الواقعية والتي ظلت طويلاً ( مع استثناءات عديدة بالطبع ) تقتصر على إعادة انتاج الحياة اليومية بتفاصيلها المضجرة وعلاقاتها الثابتة الرتيبة .... وربما تكون الميزة الأساسية لهذا الثنائي هي اقتحام (الواقع ) متسلحاً برؤية نقدية مدققه , تتجه أساساًَ إلى الكشف والتعرية , والبحث وراء الوجوه والسطوح والحفر إثر الجذور الأكثر عمقاً للأزمات والتحولات ... وهذا بالطبع يستتبع نفي القوالب الجامدة والنماذج الجاهزة , فشخوص ( حكاية خريف ) كانوا أناساً من لحم ودم تفاعلوا مع المتغيرات والظروف المستجدة , واستجابوا- كل على طريقته وحسب موقعه - لشروط ( الآن وهنا ), وقد خضع هؤلاء جميعهم لنسبية ( الخير والشر) ولاسيما في ظل مفاهيم رجراجة تخلى عنها اليقين لقد أدار الكاتبان صراعاً شرساً بين المعايير الباقية من أزمنة سابقة وتلك المعايير التي يعززها الراهن المتغير ... بين الطبقات الاجتماعية الصاعدة والمتسلحة بأدوات فعالة وأولئك الذين مازالوا يتمسكون ( بالثوابت الأخلاقية ) وإذا كانت الحلقة الأخيرة لا تقدم نتيجة حاسمة لهذه المعركة , فإنها قدمت اشارات غير مطمئنة , وربما يائسة , ومع ذلك فهي تملك مصداقية بالقياس على الواقع ..
|
|