والأصعب والأقسى من كل ذلك عملية التسريح التعسفي من قبل أصحاب العمل لعمالهم وتخليهم عنهم في أحلك الظروف وأقساها دون أي تعويضات أو حقوق لهؤلاء الذين أمضى البعض منهم عمره في هذا العمل دون أن يفكر يوما أنه سيُرمى في الشارع دون أدنى تعويض, وخوف العامل في القطاع الخاص من فصله لمجرد المطالبة في أبسط حقوقه، والأغلب كان يوقع إلى جانب عقد عمله استقالته المسبقة بيده والتي تحفظ لساعة خلاف، وغيرها من القضايا التي كشفت الكثير من نقاط الضعف في قوانين العمل السابقة والتي كان ضحيتها العامل.
وحسب احصائيات الاتحاد العام لعمال دمشق أن أكثر من مئتي ألف عامل في القطاع السياحي فقط بدمشق وريفها أصبحوا بلا عمل، ويراجع يوميا اتحاد العمال ومؤسسة التأمينات الاجتماعية بدمشق مئات المسرحين للسؤال عن حقوقهم وأوراقهم، والعقبة الكبيرة حين يكون صاحب العمل قد شمع الخيط وهرب بأمواله خارج البلد ولم يترك وكيلا قانونيا لمتابعة أموره وتصفية حقوق العاملين لديه، أو يكون بالأصل قد استبق الأمر (وتغدى بهم قبل أن يتعشوا به )كما يقال لعدم وجود أي عقود أو أوراق تثبت مسؤوليته القانونية، والأمر متعلق بالقانون رقم 17 لعام 2001 الذي جاء ليخدم رب العمل على حساب العامل تحت يافطة تشجيع المستثمرين دون وضع أي تعقيدات في طريقهم.
فاليوم وفي عمق الأزمة والتي كشفت الأقنعة عن الكثيرين من ضعاف النفوس من أرباب العمل في القطاع الخاص ومن ضحاياهم آلاف الأسر التي باتت في الشارع تبحث عن مصدر رزق ليكفي قوتها اليومي، فنحن بأمس الحاجة لتعديل القانون 17 لعام 2001 المتعلق بعمال القطاع الخاص لإنهاء الإشكالات العالقة ووضع تشريعات تنظم علاقة العمل وتؤسس لمظلة حماية لشريحة واسعة من العمالة قادرة أن تضمن مستقبلها ومستقبل أبنائها، خاصة وأن توجه الدولة لتنشيط القطاع الخاص وتوجيه الشباب والخريجين للعمل فيه كي لاتبقى مؤسسات الدولة التي تعاني من تضخم بالعاملين فيها متكأً لبطالة مقنعة اضافية، فالمطلوب الاسراع بتعديل القانون 17 وتوفير التشريعات القانونية الضامنة لعمال القطاع الخاص كما هو الحال في القطاع العام، فحين نعلم أن أكثر من ثلاثة ملايين عامل في القطاع الخاص من أصل ستة ملايين عامل خارج مظلة الحماية الاجتماعية، فهل سنفكر بجدية في هؤلاء الذين عليهم سيعاد إعمار الوطن بعد كل الإرهاب الذي تعرض له والاستفادة منهم في ولادة سورية الجديدة..؟!.