بالمختصر يبدو لي المجتمع السوري بحماسه للتدخل لا يمشي على سكة السلامة.. الكل يعرف بكل شيء.. والنتيجة غالباً قنص فرصتنا في الاستفادة من أهل الرأي والعلم..!!
حتى في أدق الأمور وأخطرها.. السوري يبدي معرفته ورأيه ويدافع عنهما بحماس إلى حدود الهوج.
الطب مثلاً.. يا أخي لا يوجد سوري ليس طبيباً..؟! يصف ويكتب الوصفة ويعالج.. ولا سيما بعد أن تواصل مع دوائر المعارف في شبكات التواصل ومواقعه.
في الطب.. في الزراعة.. في الاقتصاد.. في التربية.. في العلم.. التاريخ.. الجغرافيا.. الفن.. في الإعلام.. خصوصاً في الإعلام.. وفي كل شيء..!!
لماذا خصوصاً في الإعلام..؟! لأن التدخل هنا سهل وينتج ثماره..!!
يكفي أن يكون معك مال في الإعلام كي تكون إعلامياً يذيع صيته - ربما -.. أو منتجاً فنياً تفرض رأيك على الكاتب والمخرج.. والفني والممثل. وحتى الممثلة.. عدا عن بعض الأمور.
هذا التدخل لا يكون بالضرورة بارداً وسلبياً دائماً.. بل أحياناً ينتج آثاراً حقيقية.. ولا يكتفي بالصخب الصامت.. ذات يوم أسمعت صوتي عندما قامت تلك الحملة الجماهيرية غير المتقيدة بسلوك عرض الرأي والحوار حول وزير التربية وسياسته والمناهج وغيره.. وقلت إن ذلك لا يجوز.. فالتدخل بالمناهج مثلاً أو تخطيط العام الدراسي.. ليس وجهة نظر لهذا أو ذاك..؟!
لدي اليوم نقطتان إضافيتان على هذا الموضوع:
الأولى - لماذا تكثر الآراء المتدخلة فيما هو تخصص ولا يمكن لأي كان ممارسته..؟!
إنه أبرز مظاهر انعدام الثقة.. والابتعاد إلى درجة الفراق بين المتخصص ومن يعمل لمصلحته كما هو مفترض.. إضافة إلى انخفاض مستوى المعرفة والأداء لدى هذا المتخصص.. ما يشجع الآخرين وأصحاب المصالح على التدخل.. هذا يظهر بوضوح في الزراعة مثلاً.. حيث يبتعد المهندس والفني الزراعيان عن الحقول والبساتين ويحل محلهم المستثمرون البائسون لشهاداتهم الكالحة.
النقطة الثانية - شخصية إلى حد ما..
فيوم أسمعت صوتي كما أخبرتكم في مواجهة الحملة على التربية.. كنت أقول على المستريح.. اليوم وبحكم علاقة ولدت لي بمنهج التربية.. أنا أرى بجد أن ثمة ما تطرحه من أسئلة يجب الإجابة عليها.. كذا مخطط العام الدراسي.. فالناس لا تعلم لماذا هذا الازدحام المعلوماتي التعليمي في المنهاج.. ولا لماذا تحدد العطلة أو يحدد الامتحان في هذه الفترة أو غيرها.. !! لا تعرف ما هي المعايير..
قد يكون الجواب على ذلك في القول.. ليست مهمتها أن تعرف.. ولتبتعد عن التدخل.. لكن التربية تترك دوراً كبيراً للأهل في تطبيق المنهاج.. وغموضاً في كيف يتفاهمون مع أزمان أولادهم..
as.abboud@gmail.com