بيتنا ملاذنا حين يعز الملاذ, وحين يذهب معظم الآخرين, ان لم يكن كلهم, الى التزلف والطأطأة والمزايدة, بيتنا الوطن, وهو وحدتنا, اعتراف كل منا بالآخر, بموقع له في العقل , وآخر في جبهة المقاومة.
لعلنا بتنا, كما شرح الرئيس الاسد, عند نهايات اللعبة, وماعاد ثمة متسع من الموقف, فإما المقاومة وإما الفوضى, والمقاومة لمن يدرك ويرى ويتمثل, اقل ثمنا بكثير من اثمان الفوضى, والدرس العراقي أمامنا لمن فاته شيء من ادراك او نظر او موعظة.
واهم من يعتقد ان الغربال الاميركي سيعيد فرزنا بعد ان يحشرنا بين اسواره, وانه سيقارب كلا منا انتقاء, او فرزا بما هو ديمقراطي وماهو غير ذلك, وواهم من يعتقد ان ثمة اوراقا تصلح للعبة جديدة ليست بين العاب التفتيت والتقسيم والفوضى.. ان لم نكن لاعبا واحدا اليوم وبورقة واحدة, ليست هي الا المقاومة.
اقتناعنا بأنا جميعا, ودون اي استثناء, مستهدفون في مقتل, ولو تلونت وسائل الاستهداف وادواته بين شعار سياسي وشعيرة بندقية, هو مايضفي الروعة على رهاننا بالذهاب بعيدا الى آخر اللعبة.غير اننا مدعوون اليوم جميعا للاستغراق في صناعة مكونات تلك القناعة, وفي العمل على ترجمتها الى واقع عام, اقتصادي اجتماعي ثقافي, قبل ان يكون سياسيا فحسب.
هل ندرك ان عيون العالم كله تشخص الينا اليوم, تراهن علينا, وعلى ماسنبذله في المواجهة مع التهديد والحصار, وهل ندرك كيف يكون خيار المقاومة اقل ثمنا بالفعل من خيار الفوضى التي يتوعدوننا, واذا كان الامر لاينطوي على الشعار والحماسة الوطنية فحسب, فهل ندرك ونلمس في آن معا, صناعة جديدة وجراحية الطابع والمباضع لمكونات لحمتنا الوطنية, عبر اشاعة لغة الحوار واللقاء وتقاسم المسؤولية والهم الوطني على السواء, وعبر اجتثاث من الطابع ذاته, لمظاهر الفساد ومدارسه وآلياته, وعبر اشباع بطون تتهيأ للزحف, والحجر على اخرى اقعدتها التخمة والكثرة والبطر !
وحدتنا الوطنية اكبر من شعار ودعوة وحماسة, انها مآلنا وملاذنا وبيت اماننا, فلنجد بناءه بسقف من فولاذ الانتماء لسورية, واركان من صخر الاصلاح والمشاركة والعدالة والحداثة ?