تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


فجوة في جدار

معاً على الطريق
الأحد 25/9/2005
د. اسكندر لوقا

في الخامس عشر من شهر أيلول, تناقلت صحف عربية وعالمية نبأ يفيد بأن (نشيطين فلسطينيين) استخدموا المتفجرات لفتح فجوة في الجدار الإسمنتي الذي أقيم على الحدود بين مصر وقطاع غزة, وأن هذا الجدار كان قد أقيم لمنع عمليات التسلل!

وبطبيعة الحال كان لابد من أن يتمكن عدد من سكان المنطقة من الدخول إلى الجانب المصري وتحت أنظار حرس الحدود المصريين الذين يفيد النبأ بأنهم لم يتحركوا.‏

وإذا كان نبأ كهذا يستوقف أحدنا - بغض النظر عن الجهة النشطة التي قامت بعملية فتح الفجوة لأي سبب كان - فذلك لما يعنيه الموقف من جدار الفصل من الجانب النفسي وليس لما يعنيه من الجانب السياسي. ومن هنا القول إن هذه العملية يمكنها أن توحي لنا - أعني أبناء العروبة من أقصى الوطن العربي إلى أقصاه - إن إزالة الجدران القائمة بين الأقطار العربية, وليس فقط فتح فجوات عليها, صارت مطلباً ملحاً, وخصوصاً في هذه المرحلة التي يشهد فيها أبناء الوطن العربي محاولات إقامة الجدران المنيعة بين أطرافه منعاً لهم من التواصل واللقاء, وبالتالي منعاً لإقامة العلاقات المباشرة بين أبناء الوطن الواحد, وبمعنى ما أن يسقطوا من حساباتهم, نهائياً, أملاً طالما راودهم, وسيبقى يراودهم.‏

إنها أمنية الجيل الحالي, أن تزول الحدود المصطنعة بين أقطار الوطن العربي, كذلك هي أمنية كل من يرى إزالة الحدود سبيلاً لتوحيد الموقف, عبر الكلمة الواحدة, حول ما نردده بقولنا عن مصير مشترك.‏

ومعروف أن أمنية كهذه كلما اقتربنا منها, زادت المؤامرات الهادفة إلى وأدها, وقد شهدت منطقتنا العربية في ستينيات القرن الماضي إجهاض الوحدة بين سورية ومصر, على أرضية التوجس من نتائجها على واقع الخارطة العربية الممتدة من المحيط إلى الخليج, وما كانت تعنيه تلك النتائج إن هي صارت واقعاً على الأرض العربية. ولهذا الاعتبار, بل قبل أي اعتبار آخر, مهما قيل في تفسيره أو تبريره, كان دأب الغرب الاستعماري العمل على إسقاط الوحدة, والسعي لإقامة الجدران النفسية, قبل الإسمنتية, بين الإنسان والإنسان لأنه العامل الأهم والأقوى من كل العوامل الأخرى لتحقيق الأمنيات والآمال الكبيرة.‏

إن قراءتنا لنبأ تفجير جدار رفح وفتح الفجوة فيه, أنها تمكّن تنقل العربي إلى أرض عربية مجاورة أو بعيدة, من دون تأشيرة دخول, تجعلنا نتساءل عن متى تسقط كل الجدران النفسية والإسمنتية التي صنعها المستعمر بين الأرض والأرض, وبين الإنسان والإنسان, في منطقتنا العربية? ومرة أخرى لابد من الإشارة إلى أن إحداث فجوة ما في جدار ما يفصل أحدنا عن الآخر, له مدلوله المادي والمعنوي الذي ينأى عن غرض سياسي أو أمني, وذلك لعلاقته بما نردده, كما أشرت, عن مقولة المصير المشترك والهم المشترك, ذلك لأن ما ينتظرنا, نحن عرب المنطقة العربية عموماً, بمشرقها ومغربها على حد سواء, قد لا يبدو واضحاً على صفحة مرآة المستقبل القريب نسبياً أو البعيد نسبياً, ولكنه, بلا شك, يبدو قابلاً لقراءة أبعاده بشكل أو بآخر, إذا نحن أمعنا النظر في معالمه جيداً.‏

من هنا, وبعيداً عن تخمين الجهة التي أوحت إلينا بقول هذا, لابد من الاعتراف بأن فتح الفجوة في الجدار, يبقى درساً يمكن أن يكون مفيداً على مستوى الأمة وليس المنطقة فقط, إن هي استوحت منه موقفاً وطنياً وعزمت على رسم خارطتها العربية الخاصة بها.‏

تعليقات الزوار

أيمن الدالاتي |  dalatione@hotmail.com | 25/09/2005 02:51

نعم إنها أمنية كل عربي شريف أن تزال الحواجز والحدود بين الأوطان و إنما لاعلاقة لفتح ثغرة في الجدار بهذه الأمنية , فقد شط الكاتب وسرح بخياله أبعد من الواقع بكثير.

حنان يبرودي  |  alibrkat@scs-net.org | 25/09/2005 15:34

نعم صحيح أن فتح الحدود السياسية له أهمية كبيرة في عالمنا العربي على أن يتبعه انفتاحات كبيرة تبدأ من داخل كل دولة عربية لا بل ومن داخل كل مواطن عربي فقد دمرت الحدود النفسية والفكرية والمعتقدات الدينية وغيرها من الحدود الكثير من طموحاتنا وآمالنا المستقبلية وقلّصت الوعي لدى البعض الآخر يجب البدء في فتح ثغرات في جدار صمتنا المُطبق على أنفسنا ومعتقداتنا وهذا أكبر بكثير من فتح ثغرة في جدارٍ ما .

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 د . أسكتدر لوقا
د . أسكتدر لوقا

القراءات: 935
القراءات: 1288
القراءات: 1241
القراءات: 1183
القراءات: 1234
القراءات: 1355
القراءات: 1229
القراءات: 1276
القراءات: 1300
القراءات: 1696
القراءات: 1225
القراءات: 1211
القراءات: 1814
القراءات: 1213
القراءات: 1372
القراءات: 1249
القراءات: 1215
القراءات: 1427
القراءات: 1286
القراءات: 1282
القراءات: 1184
القراءات: 1317
القراءات: 5733
القراءات: 1271
القراءات: 1359

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية