فكان للضغط والتوتر والقلق ارتكاس نفسي وكذلك أفضت قذائف الموت إلى أذيات مختلفة لدى العسكريين والمدنيين وتسبب جلّها بإعاقات حركية.
وجاهر المواطن السوري للمرة الأولى بأن لديه مشكلة نفسية وهي عبارة كان يتهيب التطرق لها ولم تكن بالعبارة المستساغة في الثقافة المحلية، ولكن ماتعرض له من ضغوط طالت حياته اليومية على مدار الساعة جعلته يتجاوز المألوف وقد تكون المجاهرة بذاتها حالة ايجابية، فالعديد من الأفراد أخذوا يطلبون المساعدة من الأصدقاء أو حتى الصيادلة لتجاوز ما آلت إليه أحوالهم النفسية والعدد القليل طرق العيادات النفسية، ولعل السبب بعدم التوجه للأطباء النفسيين يعود لأمرين الأول مادي والثاني نقص الكادر الطبي المتخصص، إذ لا يتجاوز عدد الأطباء النفسيين على مستوى سورية 60طبيباً.
وهنا نشير إلى أن من تعرض لأذيات حركية لم يكن بأحسن حال، فقلّة منهم وجدوا جمعية أهلية تساعدهم في الأمور المادية لتأمين الجهاز المساعد حركياً، فيما الفنيين الفيزيائيين رغم محدودية عددهم أخذوا يتابعون التأهيل الحركي، وهنا يغيب وجود أطباء التأهيل الفيزيائي، رغم ضرورة إشرافهم لرفع الأذية بدل تفاقمها.
والقصة مع ندرة الأطباء المختصين بالتأهيل الفيزيائي تتكرر كما هو الحال مع الأطباء النفسيين، وهنا تتحمّل الجهات الرسمية الجزء الأكبر لما آلت إليه الأمور في اختصاصين طبيين هامين بدا بهما الخلل صارخاً، ولايعني ذلك أن بقية الاختصاصات الطبية لا تعاني نقصاً في الكادر، ولكن يبقى حال اختصاصي النفسية والتأهيل الفيزيائي الأسوأ.
ويتمثل التقصير الرسمي بعدم الاستجابة السريعة لمتطلبات تخفيف آثار الأزمة التي مضى عليها خمس سنوات وارتداداتها السلبية التي تستمر لسنوات، وهنا نتطرق إلى انعدام ضخ الدماء الجديدة في اختصاصي الطب النفسي والتأهيل الفيزيائي في مشافي وزارتي الصحة والتعليم العالي وإدارة الخدمات الطبية وذلك عبر قبول الأطباء المقيمين الذين يمكن لهم أن يكونوا السند في تقديم المساعدة خلال فترة الاختصاص وبشكل أفضل بعد نيل الاختصاص.
بالتأكيد ضخ الدماء الجديدة يحتاج إلى محفزات تمهّد لخريج الطب العام بالتوجه إلى هذين الاختصاصين وهذه المحفزات ليست بالضرورة مادية، وبأبسط الأحوال تكون عبر تقديم التسهيلات في إحداث مراكز العلاج النفسي والتأهيل الفيزيائي، وبذلك تكون إدارة آثار الأزمة من قبل الحكومة والفريق الصحي تسير بالطريق الصحيح.