هذه هي الخلاصة التي توصل اليها (جوزيف ستغليتز) العالم الاقتصادي الامريكي الكبير الحائز على جائزة نوبل للاقتصاد وكبير الاقتصاديين في البنك الدولي في عقد التسعينات ورئيس الفريق الاقتصادي في ادارة كلينتون وستنغلينز ليس وحده الذي يتحدث عن حتمية الركود ويحذر من النتائج المترتبة عليه بل ان 16 خبيرا اقتصاديا عالميا بينهم دانييل غروس وفريد زكريا شرحوا طبيعة الركود الجديد في ملف نشرته مجلة نيوزويك في عددها الاخير ووضع دانييل غروس عنوانا معبرا لمقالته ولافتا جدا للنظر اذ جاء العنوان حرفيا على الشكل الاتي:( اقتصاد الولايات المتحدة تحت تهديد المقصلة) واستهله بالقول:ان امريكا سائرة على طريق الركود الاقتصادي ويتوقع كثيرون تباطؤا عالميا في الحركة الاقتصادية بل ذهب ابعد من ذلك وتوقع احتمال ان يفرز هذا الركود (نظاما اقتصاديا جديدا) يمكن (للاسواق الناشئة ان تتولى قيادته) وان كان الركود اصبح مسألة حتمية وخصوصا بالنسبة للاقتصاد الامريكي الا ان المشكلة المطروحة هي كيفية مواجهة هذا الركود وما اذا كانت الاجراءات التي اتخذتها الادارة الامريكية فعالة للجمه.
في هذا السياق لجأت ادارة بوش الى الوسيلتين التقليديتين لمحاربة الركود وهما خفض الضرائب وخفض اسعار الفائدة ولكن الخبراء يعتقدون ان هذه الاجراءات ظهر افلاسها او على الاقل محدودية فعاليتها في معالجة ازمة الركود وقد هاجم ستغليتز سياسة ادارة بوش على هذا الصعيد وقال بعد ان كان بوش على الدوام يدافع عن سياسة خفض الضرائب وبخاصة تلك التي يستفيد منها الاغنياء باعتبارها الحل الامثل لمشاكل الاقتصاد والطريقة الافضل لتحفيز الاستثمار وبالتالي ابقاء البطالة في ادنى مستوياتها تبين ان هذه الفرضية اثبتت خطأها ومقر نظرها لان خفض الضرائب لم يؤد سوى الى تشجيع نوع من الاستهلاك المفرط الذي ميز الاقتصاد الامريكي في الفترة الاخيرة دون ان تستفيد من ذلك الطبقة الوسطى وذوو الدخل المتدني الذين عانوا الامرين على امتداد السنوات السبع الاخيرة.
كما ان خفض اسعار الفائدة ادى الى نتائج سلبية مماثلة حسب ستغليتز الذي شدد على ان خفض معدل الفائدة الى مستوى غير مسبوق لتشجيع الاستهلاك وخلق الرواج دون الانتباه الى عمليات الاقراض المتهورة وغير المسؤولة التي انخرطت فيها المؤسسات المالية ادى في نهاية المطاف الى بروز اقتصاد قائم على اقتراض الاموال وشراء الوقت وها هي امريكا تسدد اليوم الحساب وتواجه لحظات عسيرة.
ويعتقد ستغليتز ان اجراءات ادارة بوش تقليدية وستفاقم الازمات بدلا من حلها ويقترح اجراءات اخرى يبدو انه من الصعب اتفاق الكونغرس عليها لانها تتعارض مع الوصفات التقليدية لصندوق النقد الدولي ومذهب الليبرالية الجديدة فما يدعو اليه ستغليتز هو (رفع الانفاق) واعادة بعض القوة الى الدولار في حين ان اسعار خفض الفائدة تتعاكس مع ذلك كما يطالب بتعزيز نظام التأمين على البطالة والضمانات المرتبطة به لان المال الذي يحصل عليه العاطل ينفق فورا مما يشجع على الاستهلاك ويعيد التوازن الى الاسواق اضافة الى مد يد المساعدة للولايات والمقاطعات المختلفة والاتفاق على البنية الاساسية وكل هذه الاقتراحات تندرج في اطار المنظور الاقتصادي الكنزي الذي يتعارض مع الليبرالية المتطرفة, المذهب الاقتصادي السائد الآن في الولايات المتحدة.