ومقابل ذلك تقوم الحكومة بإصدار سندات خزينة لتغطية الأموال المقترضة, أي أنها تقرّ بالدين وعلى أن يتمّ سداده مستقبلاً, ويتضمن الدين الخارجي والداخلي، والدين الخارجي أشد سلبييه من الدين الداخلي، ويجب التمييز بين الدين العام والعجز، حيث إن الدين الحكومي يعتبر مديونية تسجل في خانة الخصوم الحكومية، أما العجز فهو حصول دين جديد يضاف إلى الدين القديم.
ومن الأمور الواجب ذكرها أن سورية من أقل دول العالم مديونية للخارج رغم المؤامرة الكبيرة عليها والتي أدّت إلى أزمة اقتصادية خانقة.
وحسب مجلة ( الإيكونومست البريطانية ) فإن الدين العام العالمي لدول العالم تجاوز /50/ تريليون دولار حتى عام 2013 وكان بحدود /49/ تريليون دولار عام 2012 وسيرتفع إلى /54/ تريليون دولار عام 2014 .
وتعتبر الولايات المتحدة الأمريكية أكبر دولة مدينة في العالم حيث يبلغ متوسط الدين للفرد الواحد من إجمالي الدين الكلي بحدود / 40/ ألف دولار أمريكي , وتليها اليابان / 100/ ألف دولار , وفي بعض الأحيان تعالج زيادة الدين بزيادة الإيرادات من خلال فرض ضرائب جديدة أو زيادة معدلات الضرائب القديمة أو بيع أصول ثابتة أو الاقتراض بشروط قاسية ....الخ , أو بتخفيض الإنفاق مثل تقليل النفقات التعليمة والدعم الاجتماعي وتراجع الخطط الاستثمارية ...الخ ولذلك كلما زاد الدين العام تحول إلى معرقل كبير لتحقيق معدلات النمو الاقتصادي المستهدفة.
ومن هنا نتفهم قول الاقتصادي الأمريكي ( مارتن وولف ) في صحيفة الفاينانشال تايمز ( إن الديون الأمريكية هي كقنبلة نووية توجهها أمريكا على نفسها وعلى غيرها ), وخاصة أن الدين الأمريكي ارتفع من /6/ تريليونات دولار أمريكي عام 2000 إلى /14,3/ تريليوناً عام 2012 وإلى / 16,7/ في 17/10/2013 ويتوقع ارتفاعه في عام 2014 إلى أكثر من /17/ تريليون دولار كأول مرة في تاريخها وغالبيته دين خارجي , ويشكل من الناتج المحلي الإجمالي أكثر من 104%, علماً أنه ومنذ عام 1960 تمّ زيادة الدين العام الأمريكي /79 / مرة منها / 18/ مرة في عهد الرئيس رونالد ريغان و/8/ مرات في عهد كلينتون و/ 7/ مرات في عهد بوش الابن.
وتؤكد الدراسات الاقتصادية وتوقعات الاقتصاديين أن زيادة الدين العام الأمريكي هو بمثابة نقطة بداية لانهيار الأمبراطوية الأمريكية الاقتصادية والذي سيترافق مع تداعيات سلبية على كل الاقتصاديات العالمية, ولا تتوقف أضرار زيادة الدين العام الأمريكي على الاقتصاد الأمريكي فقط بل تتعداها إلى غالبية دول العالم, وتتراوح نسبة التأثير حسب قرب وبعد العلاقات الاقتصادية للدولة مع الاقتصاد الأمريكي , علماً أنه وبموجب زيادة الدين الأمريكي خرج مليون عامل من مؤسسات القطاع العام الأمريكي, وهذا ولدّ صراعاً كبيراً داخل الإدارة الأمريكية بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي.
وتجدر الإشارة إلى أن زيادة الدين العام يجب أن تحظى بموافقة الكونغرس الأمريكي, ويأتي التخوف الأمريكي أيضاً من أن مؤسسات ووكالات التصنيف الائتماني طالبت بتخفيض تصنيفها لدرجة موثوقية ومصداقية الاقتصاد الأمريكي, وكذلك تأتي مخاوف دول العالم من أن تفاقم الدين سيعرض احتياطها النقدي للخطر مثل الصين التي تعتبر أكبر دائن لأمريكا في العالم و تمتلك /3,7/ تريليونات دولار.
كما أنه بموجب ذلك انهارت أسعار أسهم السندات الخليجية الموظفة في الخزانة الأمريكية الفيدرالية, وهذا دفع الكثير من الاقتصاديين للتذكير بتاريخ الأزمات الاقتصادية الأمريكية التي بدأت بشكل أساسي في عام 1929 وأطلق عليها أزمة الكساد الكبير, وقد نجمت بسبب المضاربات الكبيرة على الأسهم وزيادة العرض على الطلب مما أدى إلى انخفاض أسعارها فعجز الرأسماليون عندئذ عن سداد ديونهم مما أدّى إلى إفلاس البنوك وأطلق على ذلك ( الخميس الأسود ), وكذلك في عام 1987 انهارت سوق الأسهم مجدداً وأطلق عليه ( الثلاثاء الأسود ).
وفي عام 2001 انهارت الشركات الأمريكية وفي عام 2008 وتحديداً في شهر ( آب الأسود ) بدأت أزمة الإفلاس العقاري, وبعد هذا ألا يمكن القول يكفي تلاعباً بالنظام المالي العالمي ؟!.