ورغم الأبحاث والدراسات المتنوعة التي قدمت في هذا المجال والتي أكدت في معظمها على أهمية و ضرورة استثمار الطاقات المتاحة تلك , في ظل ازدياد الطلب على مصادر الطاقة التقليدية والمهددة بالنضوب , فان الخطوات العملية لم تزل في بداياتها ولم تصل إلى مرحلة الإنتاج الحقيقي والاستثمار الفعلي لتلك الطاقات التي تذهب هدرا في كل يوم , حيث جرت محاولات عدة منذ سنوات للدخول بهذا المجال الحيوي والاستراتيجي إلا أنها كانت محدودة ولم تصل إلى مستوى الطموح , إذا علمنا ان استثمار طاقة الرياح مثلا في سورية يعود لبداية عقد الخمسينيات من القرن الماضي عندما نقل بعض المغتربين السوريين تقانة المراوح الريحية الميكانيكية لاستخدامها بضخ المياه من الآبار وخاصة بمناطق القلمون بريف دمشق وريف حمص أيضا , وحققت التجربة تلك نجاحا ولاقت إقبالا لسنوات عديدة , وكانت وزارة الكهرباء أيضا قد أقدمت منذ العام 1979 على إنشاء محطة ريحية شمسية بمنطقة عدرا بريف دمشق لتغذية مدخرات بإحدى المشاريع هناك , بعدها نقل المشروع إلى كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية بجامعة دمشق لتدريب الطلبة ..! وهذا لا يعني ان تتلاشى الجهود والمحاولات الجادة لاستثمار الطاقات المتجددة أو تذهب أدراج الرياح ...!
حيث جسد الاتفاق الذي تم مؤخرا بين وزارة الكهرباء والمجمع السوري الأوربي للصناعات بمنطقة حسياء بمحافظة حمص إحياء هذا المشروع الحيوي والهام , وأعاد للأذهان من جديد أهمية الدخول بخطوات عملية لمشروع عمره سنوات وربما عقود لاستثمار الطاقات المتجددة ومن ضمنها طاقة الرياح والذي جاء ليؤكد على الترجمة الفعلية لروح المرسوم الذي صدر في العام 2009 حول الطاقات المتجددة في سورية ودورها في عملية التطوير والتحديث ..!
وإذا علمنا ان مليارات من الليرات السورية تخصص سنويا من اجل توفير الطاقة بحدودها القصوى والتي لا تفي بالحاجة المطلوبة حتى الآن وما زال لدينا نقص بتوفيرها , نتلمسه جميعا عبر ازدياد ساعات التقنين ألقسري لمختلف المحافظات والمدن السورية , فان التوجه نحو تفعيل هذا الجانب عبر التعاون وبالشراكة مع القطاع الخاص الذي ثبت عبر السنوات الماضية على نجاع ونجاح هذا التعاون لان الشراكة الحقيقية تؤطر عبر تلك المشاريع التي يكمل فيها القطاعان العام والخاص بعضهما البعض , وتلك حالة ايجابية يجب تعميمها لتشمل المشاريع الحيوية والاستراتيجية خاصة إذا علمنا ان الحكومة قد فتحت الباب أمام القطاع الخاص للاستثمار بمشاريع إنتاج الطاقة الكهربائية وهناك أكثر من عشر شركات خاصة تقدمت إلى تلك المشاريع وهنا نعول كثيرا على هذا التعاون الذي من شانه ان يسهم بتلبية الطلب المتزايد على الطاقة في المستقبل بعيدا عن الدخول أو الوصول إلى ما يسمى خصخصة هذا القطاع كما يقال أو يشاع ...! في وقت أنهت خلاله وزارة الكهرباء كل الإجراءات الخاصة بتفعيل الاستثمار بالطاقات المتجددة وبات متاحاً لأي مستثمر ان يدخل هذا المجال لإنتاج الطاقة الحيوية والمتجددة والنظيفة التي تحافظ على البيئة وبعيدا عن أية آثار جانبية ملوثة للبيئة وبذلك نكون مع البدء بهذه الخطوات قد مشينا الخطوة الأولى نحو الدخول بمشاريع الطاقات المتجددة وقبلها الطاقة الشمسية التي نستخدمها بتسخين المياه والمساهمة بدعم القطاع الاقتصادي وتلبية متطلبات التنمية لان الألف ميل يبدأ بخطوة ..!
ameer-sb@hotmail.com