حيث يسعى الصناعي حالياً للاستفادة من الجهود الرسمية التي تبذلها الحكومة واستثمار التعاون المشترك لإعادة ضخ الروح والحياة مجدداً إلى جسد الصناعة السورية بعد أن أعياها الإرهاب الممنهج .
فالشعار الذي رفع منذ سنوات تحت عنوان صنع في سورية حاول الجميع آنذاك بأن يسهم بزيادة هذه السمعة للصناعة السورية سواء من خلال توسيع الرقعة الجغرافية التي تصل إليها الصناعات السورية أم عبر فتح أسواق جديدة لها في الخارج ، إلا أن تلك الجهود لم تلبث أن تراجعت يوماً بعد يوم إلى أن تلاشت تلك المساعي وتبخرت بكل أسف دون جدوى .
وهنا لا نرغب بالوقوف على الأطلال كونه غير مجدٍ ، بل لا بد من التركيز على ناحية الإصرار والتأكيد على إعادة المحاولة اليوم للنهوض بالصناعة الوطنية بشقيها العام والخاص ، وخاصة بعد حالة الاستقرار الاقتصادي التي مضى عليها لأول مرة أكثر من شهر ونصف من حيث استقرار سعر صرف الليرة أمام الدولار بالسوق المحلية ، التي حافظت فيها على وضعها منذ حوالي ثمانية أسابيع تقريباً ، وهذا يشكل مدخلاً أولياً نحو إعادة إحياء الدور الذي تقوم به الصناعة الوطنية وخاصة تلك المصنفة تحت اسم الصناعات الصغيرة والمتوسطة إن لم يكن أيضاً المشاريع المتناهية بالصغر بعد أن غابت بشكل شبه تام عن الأسواق .
فالسوق المحلية رغم كل ما أصاب هذا القطاع من كوارث إلا أن منتجاتنا الوطنية ما زالت موجودة ولو بحدها الأدنى ، وبقيت أيضاً منافسة وبجدارة قوية مثيلاتها المستوردة على الرغم من فتح الأسواق الخارجية أمام جميع أنواع السلع وحتى الستوكات أيضاً التي غزت أسواقنا المحلية من كل حدب وصوب ؛ حيث يبقى للمنتج الوطني قيمته المضافة والتفضيلية أمام جميع المنتجات ، ويستمر محافظاً على قيمته التنافسية بعيداً عن كل الظروف والعوامل التي أثرت سلباً بالنوع والكمية وحتى بالجودة نتيجة العقوبات والحصار الجائر .
كل ذلك يتم للعودة مجدداً بشعار صنع في سورية إلى الأساس وليصبح أفضل مما كان عليه ، وهذا يتطلب مزيداً من الجهود المتكاملة والمتضافرة بين مختلف شرائح الصناعيين السوريين والجهات الحكومية المختصة ، ولا بديل هنا عن تفعيل التشاركية بكل معنى الكلمة عبر المشاركة الحقيقية للقطاع الخاص بجميع اللجان والمداولات التي تتم للنهوض بالقطاع الصناعي وإعادة الألق إليه ، وهذا لا يتم بالقول فقط بل بالممارسة الفعلية أولاً مع أهمية الإسراع بإصدار التشريعات المناسبة واللازمة لتطوير وتجديد شعار صنع في سورية مجدداً , وأن لا نغفل عند أي تشريع مدى انسجامه مع القوانين والتشريعات المرعية الخاصة بالاتفاقيات الموقعة مع مختلف الدول التي تربطنا فيها علاقات تجارية مميزة . فمثلاً لا يمكن القبول أن يكون قانون الجودة الذي صدر مؤخراً يتعارض مع بعض الاتفاقيات العربية النافذة أو مع قانون حماية المستهلك .
ومرد ذلك عدم وجود تنسيق مسبق بين مختلف تلك الجهات ، ثم هل يعقل أنه منذ صدور قانون سلامة الغذاء في العام 2007 حتى تاريخه لم تصدر التعليمات التنفيذية الخاصة به .
باختصار علينا جميعاً أن نتعلم بدقة أن ما بعد الأزمة سيختلف جذرياً عما كان قبلها وأن نرسم ونخطط للمدى المتوسط القادم كحد أدنى وليس للعام الذي نحن فيه فقط ، بل أن نجدد آليات وأساليب العمل ونعزز أكثر شعار صنع في سورية ونعيد ألقه قولاً وفعلا.
ameer-sb@hotmail.Com