قرائن وأدلة هؤلاء موجودة في أرشيفها، الرؤية هي التصديق، كم عبثت بأحشاء السوريين! وكم ولَّفت ترددات لم تكن موجودة على أرض أو سماء !.. كم حرَّضت على الدم بالدم! وكم بحثت في ركام الموت لتنتقي صوراً قوية بصرياً، تجيِّرها في سياق إدانة طرف!. «التَّدفق» المعارض جاء إثر الاتفاق على خروج المسلحين من حمص القديمة.
المحطة لم تضف انسحاب المسلحين إلى قائمة «انتصاراتهم» كما اعتادت أن تفعل قبل أن «تكوّع» مؤخراً في تغطياتها للحرب السورية. قارَنوا أيام التدفق الغزير للخبر السوري على قنوات الشبكة، أيام كان الشعار السري لها «محطة المعارضة السورية»، هؤلاء اكتشفوا قارة بحجم أمريكا حينما أيقنوا أن «جزيرة» الكنز لاتقدم برامجها مضيعة للمال.
لم أكن يوماً أؤمن بالعمل العربي المشترك، كل مواثيق الشرف الإعلامي التي نضدتها جامعة الدول العربية في ورق صقيل، لاتساوي حفاضة طفل عربي نحبته أمه بين يديها، وكانت الجزيرة واحدة من محرضات قتله، القهر ينسحب على كل قوانين الإعلام التي أنجزها سدنته الصغار.
من أطلَّ على جهنم من شاشة الجزيرة يدرك أن أفعَل ميثاق، يكتبه أولياء الدم في كل بلد نفثت فيه زعافها. أعتقد أن أولياءه، وبعد فجاعة التجربة، باتوا يميزون الخطوط الفاصلة في نوعية أداء المحطات، بين الغرس في الأدمغة، الخدمة، التوعية، الترفيه، الربح، القتل... هم يميزون بين أن تكون طرفاً في ساحة قتال، وبين أن تكون مجرد نافخ في بوق سيدك، تعزف له النغمة التي تطرب.
السادة اتفقوا أيها السادة على: لانريد للإعلام أن يعكس الواقع، التطور، ولا أن يستشرف ويحفر في غياهب المستقبل. نأمره أن يقوم بإنتاج الواقع عبر المعاني والاختيارات «الأيديولوجية» التي نفضل أن تكون موسيقا يدبك عليها الدابكون. نأمره فيمتثل. ولتذهب تنظيراتكم إلى الجحيم.