هل هذه الزيارات التي يقوم بها هؤلاء تأتي في إطار الزيارات الدبلوماسية والبروتوكولية أم تندرج ضمن خطة إيجاد قواسم مشتركة للانخراط في حوار عميق وجدي ومثمر مع البلد الذي اجمعوا على اعتبار أن له دوراً محورياً وأساسياً وفاعلاً في حل مشكلات المنطقة وقضاياها الساخنة؟.
وبالرغم من أن الغالبية العظمى من المسؤولين الأميركيين الذين جاؤوا إلى سورية وعلى رأسهم السيناتور جون كيري وهارود بيرمان رئيسا لجنتي العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ والنواب الاميركيين قد أكدوا في تصريحاتهم اللاحقة أنهم جاؤوا بحثاً عن طرق لإعادة الانخراط السياسي والدبلوماسي مع سورية وإن حواراتهم مع السيد الرئيس بشار الأسد اتسمت بالعمق والجدية الكبيرة إلا أن ذلك لايعتبر على أهميته خرقاً جوهرياً في السياسة الأميركية السابقة مالم يشكل نقلة نوعية وانعطافة حقيقية في طريقة مقاربة الولايات المتحدة للمسائل والقضايا الخلافية بين الجانبين.
وإذا كان ثمة تغيير إيجابي في السياسة الأميركية الحالية من خلال التعاطي مع المواقف السورية الثابتة والمبدئية التي تقوم على التمسك بالحقوق التي كفلتها القوانين والشرائع الدولية فإن هذا التغيير لم يأت من تغيّر ايديولوجي في السياسة الأميركية بسبب مجيء الحزب الديمقراطي إلى السلطة وإنما أتى كرد فعل عكسي لفشل إدارة بوش في تحقيق أي من الأهداف التي وضعتها خلال الفترة السابقة ولو أن إدارة بوش نجحت في سياساتها دون مقاومة وممانعة سواء من سورية أو حركات المقاومة الوطنية اللبنانية أو الفلسطينية ودول أخرى فاعلة في المنطقة لتابعت إدارة أوباما النهج والسياسة ذاتها.
بالنتيجة فإن مستقبل العلاقات السورية الأميركية وأي تقدم أو تطور فيها يتوقف ويعتمد بالدرجة الأولى على رغبة إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما بإيجاد حلول عادلة لأزمة المنطقة المتمثلة بقضية العرب المركزية، قضية فلسطين والمساهمة الفاعلة في إعادة الحقوق العربية المغتصبة إلى أصحابها الشرعيين والتوقف عن الانحياز الأعمى لإسرائيل، عندها فقط يمكن للعلاقات بين البلدين أن تتحسن وتسير نحو التفاهم والتعاون وخلافاً لذلك فإن ولاية أوباما الحالية ستكون مهمتها الأساسية إدارة الأزمة وليس حلها وسيكون مصيرها كمصير كافة الإدارات الأميركية السابقة.