وكما لو أننا لم نجعل من الجامعة العربية قهرمانة في سوق الأمم، وكان يفترض أن تكون المؤسسة التي إذ تستكشف النواحي العبقرية في الأمة، تدفع بنا إلى خارطة القوة، والتكامل، في هذه الكرة الأرضية، لا أن نبقى كائنات مجهرية، بل كائنات لا مرئية، في قاع هذه الكرة الأرضية!
توقفنا عند بعض كتاب الغرب، من أصحاب الضمير النقي والعقل النقي، الذين لاحظوا أن السيناريو الجهنمي الراهن، وحيث يتقاطع عدنان العرعور مع سوزان رايس، وحيث ذلك «القرآن المقدس» بين البنتاغون وتورابورا، ليس من أجل الحرية في سورية، ولا من أجل الديمقراطية في سورية، وإنما من أجل تدمير الدولة، وتدمير الدور..
بالفم الملآن قال بني بيغن أن نكهة أخرى للشرق الأوسط ستظهر عندما تغادر سورية المسرح. هذا هو هدفهم إذاً، أن تغادر سورية المسرح لكي لا تبقى هناك سوى الظهور المطهمة، والأدمغة المطهمة، التي تعكس موت الزمن، وموت التاريخ، بل موت المستقبل فينا..
هل بقيت لحظة عربية فينا لندرك أننا جميعاً على تخوم الهاوية، بل على تخوم العدم؟ لا تعنينا الأنظمة، ولا تعنينا الأشخاص، ولكن لماذا لا نستعيد نظرياتهم، وآراءهم، ودعواتهم، منذ بداية التسعينيات من القرن الفائت وحتى الآن، حول الشرق الأوسط الكبير أو الجديد؟ أي شكل لنا، أي مكان لنا، بل أي مكانة لنا، في هذا الشرق الأوسط الجديد؟
اسألوا روبرت كاغان، وبول ولوويتز، ودوغلاس فايث، وريتشارد بيرل، ووليم كريستول، وغيرهم وغيرهم الذين لا يرون فينا أكثر من ظلال بشرية بائسة، أو براميل تتدحرج على غير هدى على رصيف روتردام أو على رصيف وول ستريت، ما بالك بأرصفة لاس فيغاس؟
نعلم أنكم، حيال يوميات الدم والنار، وكم كنا نتمنى لو كانت أيام الجمر وأيام الوعي، سئمتم الكلام، وأهل الكلام، عندما يحوّل أساقفة اللامعنى تلك المدن الجميلة، وتلك القرى الجميلة، التي كانت ملاذنا عندما نريد أن نغسل أرواحنا من القلق ومن ثقافة القلق، إلى غابات من العذاب..
لم يعد للكلمة، ودمنا الشاهق يذهب هباء في السوق إياها، سوق الأمم، من معنى أنها، على عجل، كئيبة ومحطمة، تغادر المسرح!
*لبنان