وهذا بالتأكيد يفرض توفر تخصصات متنوعة وواسعة تستجيب للتطور الحاصل في سوق العمل الحالي , وإذا كان التزايدالسكاني يفرض دخول سوق العمل ما يزيد عن مائتي ألف نسمة سنويا ومن مختلف الأعمار والمستويات التعليمية التي يغلب عليها حملة شهادة التعليم الأساسي بالتأكيد فان معظم هؤلاء نجدهم لا يمتلكون إلا جزءاً قليلاً من الكفاءة اللازمة لسوق العمل الذي تتطور متطلباته وخاصة مرحلة ما بعد الأزمة في سورية .
لذلك ورغم الشعار الذي رفع منذ سنوات لربط المؤسسات التعليمية بسوق العمل إلا أن ذلك مازال بعيداً عن التطبيق وخاصة في الجامعات التي بدأت بالتحديث الخجول لبعض مناهجها من خلال التوسع بالتدريبات العملية والتي يطغى عليها المضمون النظري , كما لا يزال مشروع التلمذة الصناعية الذي ينفذ بالتعاون مع غرف الصناعة والصناعيين يسير بخطوات بطيئة لعدم قدرة الشركات الصناعية على استيعاب خريجي المدارس الصناعية , ولأن القطاع الصناعي الخاص لم يستطع على مدى عقود من توفير سوى فرص عمل ضئيلة قياسا لخريجي الثانويات الصناعية والفنية , ما يتطلب ضرورة إعادة النظر بمناهج مدارسنا والاستعاضة عنها بمناهج ترتبط بشكل فعلي بسوق العمل , لذلك من يتابع الواقع يلحظ إن سوق العمل يشهد تناقضا واضحا , حيث مقابل عشرات الآلاف الذين يدخلون سوق العمل سنوياً يحمل معظمهم الشهادات الدنيا ولا يمتلك المؤهلات ولا المهارات اللازمة , ولا نجد سوى آلاف قليلة يمتلكون المهارات المطلوبة لسوق العمل في القطاع الخاص.
ولمواجهة ذلك الخلل فقد وضعت هيئة التخطيط أهدافاً بعيدة المدى من أجل تجاوز هذا الواقع عبر سعي الدولة خلال الخطتين العاشرة والحادية عشرة أي حتى عام 2015 لتوفير التعليم للجميع في مراحل التعليم العام وقطع مرحلة متقدمة في برنامج تعميم استخدامات العلوم والتكنولوجيا وتطوير تقنياتها وأساليبها وتطبيقاتها لتغطي نحو 50 بالمائة من المدارس ولتصبح مكوناً أساسياً في تطوير العملية التعليمية بعناصرها المختلفة والعمل يجب أن يصب اليوم لتوفير رأسمال فكري ومعرفي وقوى عاملة مدربة تدريباً عالياً يطابق متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتحولات المقبلة التي توجبها المرحلة القادمة , من حيث الميزة التنافسية والإنتاجية العالية
لذلك نقول : إن إنجاح أي عملية تدريب يتطلب تحديد الأشخاص الذين يحتاجون إليها وترشيحهم ثم تحديد المجالات التي سيتدربون فيها وتمكينهم جيدا , كل ذلك يدعونا بالنهاية للتأكيد على الاهتمام بالكوادر البشرية واستثمارها بشكل امثل سواء العاملة أو التي تود الدخول إلى سوق العمل وتأهيلها وتوفير الأدوات والوسائل العصرية اللازمة من أجل زيادة الإنتاجية والمساهمة في الاقتصاد الوطني وتنميته وبالتالي تأمين فرص عمل حقيقة لعشرات آلاف الوافدين إلى سوق العمل سنويالاسيماان الاستثمار البشري اليوم أصبح ضرورة ملحة للتقدم والتنمية في المجتمع وخاصة في مرحلة كالتي تعيشها سورية اليوم....!
Ameer-sb@hotmail.com