وبدؤوا بممارسة كلّ أنواع الضغط الاقتصادي على الشقيقة مصر لتحقيق مآرب سياسية وخاصة بعد سقوط حكم(الإخوان المسلمين) والرئيس المخلوع (محمد مرسي) والذي أعلن قطع العلاقة الدبلوماسية مع سورية تلبية لرغبة العصابات الإجرامية من تنظيم القاعدة وأخواتها، وتناسى أن العلاقة بين البلدين لاتزال راسخة في عقلية المجتمع العربي بعلاقة الشطر الشمالي مع الجنوبي.
ورغم الاجتماعات الكثيرة التي عقدت بين السلطات النقدية المصرية والقطرية سواء في القاهرة أم الدوحة إلا أن الخلافات بينهما كانت تزداد من اجتماع لآخر، ما دفع الجانب القطري التوجه لسحب الوديعة المقدرة بمبلغ / 2/ مليار دولار بحجة عدم التزام البنك المركزي المصري بالاتفاقيات السابقة الموقعة، ولكن سرعان ما إن أعلن حاكم مصرف مصر المركزي السيد (هشام رامز) بأن قطر هي التي أرادت أن تتحكم بالإرادة المصرية من خلال وديعتها النقدية وهذا يتنافى مع الشهامة والكرامة وعروبة المصريين.
وتركزت الخلافات حول آلية سداد قيمة الوديعة وشروط التسديد وتاريخها ومعدل الفائدة وزيادة عدد رحلات الطيران ...الخ، وتوقع (آل ثاني) بأنهم بذلك يستطيعون أن يؤثروا سلباً على القيادة المصرية وخاصة من خلال التأثير على الاحتياطي النقدي المصري البالغ /19/ مليار دولار، مستغلين تراجع التصنيف الائتماني لمصر إلى درجة (CCC) وحاجة مصر إلى عملات أجنبية لتلبية احتياجاتها السنوية لعام 2013 ومنها استحقاقات الأذونات الدولارية بمبلغ/8,5/ مليارات دولار واستحقاقات نادي باريس بمبلغ /1,5/ مليار دولار ومستوردات القمح بمبلغ/15/ مليار دولار والذرة والزيوت بمبلغ /3,5/ مليارات دولار، ولذلك فإن مصر بحاجة إلى حوالي /30/ مليار دولار.
وتعرف الحكومة القطرية أن مصر رفضت الشروط التي طلبها صندوق النقد الدولي لتقديم قرض لمصر بشرط القيام بإجراءات اقتصادية هيكلية حسب قول السفيرة الأمريكية.
برأينا ورغم صعوبة الوضع الاقتصادي المصري فإن سحب الوديعة القطرية وإن أدّى إلى آثار سلبية في مجال الاحتياطي النقدي وهو بمثابة (الأوكسجين الاقتصادي لبلد عدد سكانه أكثر من 80 مليون نسمة) فإن مصر ستتجاوز التداعيات السلبية لسحب الوديعة القطرية وشروط صندوق النقد.
وقد أكدّ هذا وزير التخطيط المصري السيد (أشرف العربي) بقوله إن مصر ليست بحاجة إلى قرض صندوق النقد الدولي. كما أكدّ ذلك عضو لجنة الخمسين في مصر السيد (خالد يوسف) بأن (ردّ الوديعة القطرية أراحت قلوب المصريين المتطلعين إلى الاستقلال الوطني والرافضين للخنوع والخضوع للأمريكيين وذيولهم من الأنظمة العميلة).
وأكدت أيضاً الحكومة المصرية أنه يمكن التعويض عن الوديعة القطرية من مصادر أخرى ومن أهمها وجود بدائل اقتصادية محلية مثل التفعيل الاقتصادي وتنظيم الإدارة والاعتماد على الذات ووطنية المغتربين المصريين في الخارج ودعم بعض الدول العربية والاستدانة من دول صديقة أخرى لها وزنها الاقتصادي والسياسي على الساحة العالمية، وبأن مصرستتجاوز الضغوط القطرية، وبهذا تؤكد مصر القول المأثور إن (المال خادم جيد ولكنه سيد فاسد) والحمد لله أن عراقة وشهامة مصر رفضت المال القطري الحرام مما يذكرنا بقول الشاعر:
جمع الحرام إلى الحلال ليكثره جاء الحرام على الحلال فبعثره
وستخرج مصر من أزمتها الاقتصادية قريباً وهذا ستؤكده الأيام القليلة القادمة.