| أجواء الخوف معاً على الطريق إذ قالت: إن أجواء الخوف تسيطر حاليا في الولايات المتحدة الأميركية في أوساط الممثلين وكتاب السيناريوهات والمخرجين الذين قاموا بتعبئة ضد الحرب على العراق والسياسة التي تنتهجها إدارة الرئيس بوش . ونحن هنا بغض النظر عن معرفتنا السابقة بمواقف سوزان ساراندون العنيفة من حملات الإعلام التي تشن ضد شخصيات مرموقة في عالم الفن السينمائي, وخصوصا ضد من انتقد الحرب على العراق, إلى درجة نشر أنباء ملفقة عنه وعن أفراد أسرته, فإن شعار الديمقراطية أميركيا يبقى موضع تساؤل : تراه يصلح هنا ولا يصلح هناك ? تراه ينطبق على مجتمع ولا ينطبق على مجتمع? إن الديمقراطية كما ينبغي أن تفهم, في اعتقادي, أن تكون متلازمة مع مفهوم المواطنة, وبمعنى آخر مع مفهوم الوطنية, ولا يمكن أن يستقيم مفهومها خارج هاتين المعادلتين, لانها ستبدو كما الثوب حين يفصل على قد جسم بعينه دون سواه. وبكل تأكيد فإن سوزان ساراندون مثلها مثل مايكل مور الفنان والمخرج الشهير, حين تعرض لانتقادات جارحة من قبل وسائل الإعلام المختلفة, داخل أميركا تحديدا, لن تخسر من شعبيتها أدنى درجة, كما هو حال مور الذي بقي محتفظا بشهرته ومكانته وبقي صامدا يتابع انتاجه في الحقل السينمائي, منتقدا أخطاء الذين يضللون صانعي القرارات في الإدارة الأميركية وذلك بوضعهم في صورة تشوه الحقائق القائمة على الأرض, وبينها حقيقة أن الشعوب لم تعد قادرة على هضم كل ما يقال أو يشاهد أو يشاع بفعل الإعلام المعادي لقضاياها, في الشرق والغرب على حد سواء. ولا نرى أن ثمة ما يدعونا للقول :إن اللاعب الأول في هذا المجال, أعني مجال تشويه الحقائق على الأرض, هو الإعلام الصهيوني المتمثل في المؤسسات الإعلامية الدائرة في فلك من يسمون بالمحافظين الجدد في الولايات المتحدة الأميركية, وهم في حقيقتهم جماعة المؤمنين بالخرافات الواردة في تعاليمهم الدينية بالدرجة الأولى , وفي تعاليمهم السياسية بالدرجة الثانية. ولا أعتقد أن أحدا تخفى عليه تفاصيل الجهود التي تبذل لإقناع الناس بأن ما تراه الإدارات الأميركية هو الأصح بين كافة ما يراه العالم خارج النطاق الأميركي . إن وقفة الممثلة الأميركية تجاه سطوة الإعلام المعادي للرأي الآخر, حتى داخل بلدها, دليل الفوضى التي أطلق عليها منذ فترة قريبة اسم (الفوضى الخلاقة) . وبفعل تسويق هذه الفوضى عبر وسائل إعلام معاد لحرية القول والكتابة, فمن البديهي أن يستشعر الفنان, وخصوصا صاحب القضية مهما كان حجمها أو نوعها, الخوف. ومن هنا جاء قول الممثلة سوزان: إن أجواء الخوف تسيطر حاليا في أوساط الممثلين وكتاب السيناريوهات والمخرجين في بلدها. وإذا كنت أشير إلى عبارة (حاليا) فذلك من قبيل التفاؤل أن هذه المرحلة لن تستمر, ذلك لأن التاريخ شهد سقوط العديد من رجال السياسة عبر العصور, ولم يشهد يوما سقوط فنان يؤمن حقيقة بقضية شعب. ترى هل تستمر ديمقراطية العولمة العالمية في سعيها لتغيير مسار التاريخ في الاتجاه المعاكس? هذا ما لا يتمناه حتى الذين لم يشاهدوا سوزان ساراندون وهي تدلي بشهادتها أمام الملأ في مهرجان لوكارنو في سويسرا حيث تتبع وقائعه الملايين من سكان المعمورة .
|
|