تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أجواء الخوف

معاً على الطريق
الاحد 14/8/2005م
د. اسكندر لوقا

أستعير العبارة الواردة في عنوان هذه الوقفة من كلمة ألقتها الممثلة الأميركية سوزان ساراندون مؤخرا في المهرجان السينمائي الذي أقيم في مدينة لوكارنو السويسرية

إذ قالت: إن أجواء الخوف تسيطر حاليا في الولايات المتحدة الأميركية في أوساط الممثلين وكتاب السيناريوهات والمخرجين الذين قاموا بتعبئة ضد الحرب على العراق والسياسة التي تنتهجها إدارة الرئيس بوش .‏

ونحن هنا بغض النظر عن معرفتنا السابقة بمواقف سوزان ساراندون العنيفة من حملات الإعلام التي تشن ضد شخصيات مرموقة في عالم الفن السينمائي, وخصوصا ضد من انتقد الحرب على العراق, إلى درجة نشر أنباء ملفقة عنه وعن أفراد أسرته, فإن شعار الديمقراطية أميركيا يبقى موضع تساؤل : تراه يصلح هنا ولا يصلح هناك ? تراه ينطبق على مجتمع ولا ينطبق على مجتمع?‏

إن الديمقراطية كما ينبغي أن تفهم, في اعتقادي, أن تكون متلازمة مع مفهوم المواطنة, وبمعنى آخر مع مفهوم الوطنية, ولا يمكن أن يستقيم مفهومها خارج هاتين المعادلتين, لانها ستبدو كما الثوب حين يفصل على قد جسم بعينه دون سواه.‏

وبكل تأكيد فإن سوزان ساراندون مثلها مثل مايكل مور الفنان والمخرج الشهير, حين تعرض لانتقادات جارحة من قبل وسائل الإعلام المختلفة, داخل أميركا تحديدا, لن تخسر من شعبيتها أدنى درجة, كما هو حال مور الذي بقي محتفظا بشهرته ومكانته وبقي صامدا يتابع انتاجه في الحقل السينمائي, منتقدا أخطاء الذين يضللون صانعي القرارات في الإدارة الأميركية وذلك بوضعهم في صورة تشوه الحقائق القائمة على الأرض, وبينها حقيقة أن الشعوب لم تعد قادرة على هضم كل ما يقال أو يشاهد أو يشاع بفعل الإعلام المعادي لقضاياها, في الشرق والغرب على حد سواء.‏

ولا نرى أن ثمة ما يدعونا للقول :إن اللاعب الأول في هذا المجال, أعني مجال تشويه الحقائق على الأرض, هو الإعلام الصهيوني المتمثل في المؤسسات الإعلامية الدائرة في فلك من يسمون بالمحافظين الجدد في الولايات المتحدة الأميركية, وهم في حقيقتهم جماعة المؤمنين بالخرافات الواردة في تعاليمهم الدينية بالدرجة الأولى , وفي تعاليمهم السياسية بالدرجة الثانية. ولا أعتقد أن أحدا تخفى عليه تفاصيل الجهود التي تبذل لإقناع الناس بأن ما تراه الإدارات الأميركية هو الأصح بين كافة ما يراه العالم خارج النطاق الأميركي .‏

إن وقفة الممثلة الأميركية تجاه سطوة الإعلام المعادي للرأي الآخر, حتى داخل بلدها, دليل الفوضى التي أطلق عليها منذ فترة قريبة اسم (الفوضى الخلاقة) . وبفعل تسويق هذه الفوضى عبر وسائل إعلام معاد لحرية القول والكتابة, فمن البديهي أن يستشعر الفنان, وخصوصا صاحب القضية مهما كان حجمها أو نوعها, الخوف. ومن هنا جاء قول الممثلة سوزان: إن أجواء الخوف تسيطر حاليا في أوساط الممثلين وكتاب السيناريوهات والمخرجين في بلدها. وإذا كنت أشير إلى عبارة (حاليا) فذلك من قبيل التفاؤل أن هذه المرحلة لن تستمر, ذلك لأن التاريخ شهد سقوط العديد من رجال السياسة عبر العصور, ولم يشهد يوما سقوط فنان يؤمن حقيقة بقضية شعب.‏

ترى هل تستمر ديمقراطية العولمة العالمية في سعيها لتغيير مسار التاريخ في الاتجاه المعاكس? هذا ما لا يتمناه حتى الذين لم يشاهدوا سوزان ساراندون وهي تدلي بشهادتها أمام الملأ في مهرجان لوكارنو في سويسرا حيث تتبع وقائعه الملايين من سكان المعمورة .‏

تعليقات الزوار

أيمن الدالاتي |  dalatione@hotmail.com | 14/08/2005 01:33

للأسف سار الإعلام الدولي مع سبطانة المدفع الأمريكي, إذ قام حلف وثيق لكنه غير مكتوب بين البنتاغون ونخب الغرب المتصهينة الفاسدة , وهي المالكة لمعظم مؤسسات ومنابر هذا الإعلام, فسلك طريق اختلاق الوقائع وطمس الحقائق, فساعد أجندة المحافظين الجدد واليمين المسيحي - الصهيوني المتطرف في نشر اسطوانة الإرهاب وترويج سيناريو الفوضى الخلاقة..أما الهدف الحقيقي فلا يخرج عن كلمات ثلاث: إسرائيل- الهيمنة - النفط.

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 د . أسكتدر لوقا
د . أسكتدر لوقا

القراءات: 936
القراءات: 1288
القراءات: 1241
القراءات: 1183
القراءات: 1234
القراءات: 1356
القراءات: 1229
القراءات: 1276
القراءات: 1302
القراءات: 1696
القراءات: 1225
القراءات: 1212
القراءات: 1814
القراءات: 1213
القراءات: 1372
القراءات: 1249
القراءات: 1216
القراءات: 1427
القراءات: 1287
القراءات: 1282
القراءات: 1185
القراءات: 1317
القراءات: 5733
القراءات: 1271
القراءات: 1360

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية