وسياسة اللامبالاة وعدم الاكتراث وإدارة الظهر المنتهجة بتحد ، من قبل حكومة نتنياهو حيال مطالب إدارة أوباما الخجولة بتجميده ، فإن التعويل على هذا الخلاف (المحسوب ) في رأي تل أبيب ، وتطوره في اتجاه خلق أزمة وحالة صدامية بين الجانبين ، يمكن الاستفادة منهما في قضية الصراع هو ضرب من الوهم وخداع النفس .
ذلك أن الكلام الأمريكي المسوق منذ شهور عن التزام بعملية السلام ، وإيجاد حل للقضية الفلسطينية على أساس ( حل الدولتين ) ، ظل مجرد شعارات في الهواء لا أرصدة لها ، ولغو يعني العرب المطالبين اليوم بدفع الفواتير والمزيد من التنازلات المجانية ، وليس إسرائيل الممعنة في استباحة كل شيء ، وإشهار مشاريع القضم والتهويد وطرحها للتنفيذ دفعة واحدة ، بدائل للتسوية وفرضا لأمر واقع جديد يستلب كامل الحقوق العربية والفلسطينية ، ويقطع الطريق نهائيا على عودتها إلى أصحابها .
إسرائيل اليوم في أزمة وفي مأزق تواجههما بالتطرف والتصعيد وقرع طبول الحرب ، وحليفها الكوني فيما وراء البحار أمام امتحان وتحد ، إن لم يستطع فيه إثبات الهيبة والصدقية وكسب (جولة الاستيطان ) على ضآلتها وصغرها ، فكيف سيقنع العرب والعالم بأهليته بعد لحسم المعركة الأكبر – معركة السلام وفرض معادلته ، وهو قادر لو أراد وخلصت النوايا واستخدم بعض الضغط لا كل أوراقه ، التي يمتلك الكثير الكثير والفاعل والمؤثر منها .
وهذا ما يقود إلى القول : إن التصويب للأوضاع التي لا تسر ، لا يكون بالتفرج والترقب وانتظار ما قد تجود به واشنطن إن جاز التعبير ، لحلحلة العقدة الإسرائيلية المستحكمة ، وإنما بامتلاك الشجاعة والجرأة على التحلل من الالتزام بأدبيات ، ثبت عقمها وعدم صلاحيتها وشموليتها للطرف الصهيوني الآخر في المعادلة ، وانتهاج سياسات مشروعة لا مفر منها ، تعتمد المجابهة ولا تسقطها من الحسابات وقاموس الصراع ، باعتبارها الخيار الأجدى والأقل كلفة ، واللغة الأقدر على التعاطي مع العدو وإفهامه وداعميه : إن الصبر العربي على المظالم قد نفد .