لكن حتى الصناعات التي أقيمت كانت بمعظمها صناعات تحويلية تعتمد على مواد أولية زراعية أو ترتبط بخدمة الانتاج الزراعي.
وكوننا بلد زراعي فهذا ليس عيباً في وقت تزداد الحاجة فيه الى الغذاء في العالم وتتناقص الموارد الطبيعية بفعل الجفاف والإخلال بالبيئة، وتنوع المنتجات الزراعية في سورية ووفرتها واعتدال المناخ منحنا ميزات إضافية يمكن الاستفادة منها وتحويلها الى عامل قوة لدعم اقتصادنا والنهوض به واستثمار الموارد الطبيعية المتجددة وتطويرها وتنميتها وبنفس الوقت خلق فرص عمل جديدة.
والتصنيع الزراعي هذه الأيام يبدو أكثر الحاحاً من أي وقت مضى في ظل ظروف اقتصادية محلية واقليمية ودولية تحتم علينا الاستفادة من إمكاناتنا الذاتية والاعتماد قدر الامكان على الذات، خاصة وإن وفرة المنتجات والاختناقات في التسويق وصعوبة تصدير الفائض يدعونا الى الإسراع والاستفادة من هذه الوفرة والعمل على تصنيع المنتجات الزراعية التي تفيض عن حاجة الاستهلاك المحلي والاستفادة من القيمة المضافة التي يمكن ان تتحقق عن طريق تصنيع المواد الأولية وتحويلها الى سلع تصديرية، بعد أن نوفر مقومات إقامة صناعة حديثة متطورة والالتزام بشروط الجودة والمواصفة المعروفة وتخفيض تكاليف الانتاج وتشغيل الأيدي العاملة لدينا والمساهمة في حل مشكلة البطالة.
فالكثير من المواد الخام التي نصدرها يمكن ان تعود الينا مصنعة بعد ان تحولت إلى سلع تفوق قيمتها أضعاف المواد الخام التي صنعت منها!!.
وهذا ينطبق على كثير من المنتجات الزراعية بشقيها النباتي والحيواني ويمكن أن نقوم بتصنيعها وتحويلها الى سلع تصديرية والاستفادة من القيمة المضافة التي تحققها.
فالحمضيات والخضر والفواكه ومشتقات الحليب كلها مواد متوفرة لدينا ويمكن أن نبني من خلالها صناعة غذائية متطورة، والقطن مادة أولية ينتج عنها صناعات عديدة ويمكن أن نقوم بتصنيع القطن كاملاً دون أن نصدره كمواد خام والاستفادة من القيمة المضافة لهذا المحصول الاستراتيجي الهام.
وقد خطونا خطوات مهمة بهذا الاتجاه يجب ان نرسخها ونطورها واستثمار مواردنا وامكاناتنا الذاتية لدعم اقتصادنا ونحن قادرون رغم الحصار والضغوطات ان نقوم بذلك والاستفادة من الخبرات والموارد البشرية وقدرة السوريين على الخق والابداع وقهر الظروف مهما كانت صعبة وقاسية.