وأول ما برز من استغلال كان عبر ممارسات أصحاب المكاتب العقارية والدلالين ودورهم الوسيط للباحثين عن منزل للإيجار لقاء عمولة محددة، متجاوزين أدنى شروط ومسوغات العلاقة الناظمة لهم مع من أرغمتهم قساوة ومرارة الحرب الظالمة على تهجيرهم من منازلهم ونزوحهم إلى المناطق الآمنة.
ونُضيف أن تأمين سكن للإيجار واستغلال الكثيرين من مالكي المنازل للظروف الحالية والأحداث الراهنة والحاجة الماسة للمهجرين لاستئجار منزل بمساحة صغيرة في مناطق السكن العشوائي يدفع بهؤلاء المالكين إلى ابتزازهم وفرض أسعار خيالية تتجاوز 25 ألف ليرة شهرياً، والدفع سلفاً لأشهر قادمة لقاء منزل ضيق شبيه إلى حد ما يضيق الخناق على المواطن المثقل بهموم المعيشة الصعبة والمتزايدة، ما خلق فرصة للمتاجرة المتفاقمة، أبطالها فئة من المستغلين دون أي رادع أخلاقي أو وازع من ضمير.
لا ننكر هنا دور الحكومة في ضبط هذه التجاوزات في قضايا الإيجار والحد من الحالات الخالية تماماً من الرحمة بالعباد، من خلال المساعي والجهود المبذولة في مشاريع البناء والتشييد السريع المتعدد النماذج والخدمات لاستيعاب المهجرين في وحدات سكنية مسبقة الصنع في المحافظات الهادئة أمنياً، والوحدات في طور التسليم النهائي، والتعاون مع شركات عقارية خاصة ومنظمات دولية لتأهيل مساكن مشغولة سابقاً.
إلا أن الحالة تقتضي في هذه المرحلة الضاغطة التواصل أكثر مع بيوت الخبرة الصديقة والاطلاع عن كثب على ما لديها من طاقات وإمكانيات في ثورة إعادة الإعمار التي نتطلع جميعنا للإقلاع بقاطرتها مهما تدافع ممولو الإرهاب لتوسيع رقعة الخراب وتدمير البلد، ومهما قست الظروف على من أصبحوا بلا منازل و أرغموا على دفع فاتورة تكاليف النزوح لأنهم الحلقة الأضعف!.
اليوم ثمة مطالب محقة في إعادة النظر بقانون الإيجار الحالي الذي حدد تسجيل العقود واستيفاء الرسوم الواجبة ولم يتضمن في نصوصه التدخل للوحدات الإدارية والبلدية في تحديد بدلات الإيجار كونها تخضع لإرادة المتعاقدين من الطرفين، وتكون في حزمة الضوابط والميزات والمؤشرات العادلة في ترك حرية الاختيار للمنازل المعروضة للإيجار حسب الدخول.
وبالتالي إنهاء معضلة الغبن والظلم الذي يُلاحق المستأجر الذي نأمل إنصافه بعد أن هُجر من منزله بفعل الإرهاب وأضحى بلا مأوىً، فهل نُعيد النظر؟!..