لكن مالم انسه أبداً اني بقيت تحت بنج لوحاته لعدة أيام.
في ذلك المعرض، وأكاد اجزم مجددا انه اول معارضه، شعرت ان الدنيا كلها تركواز وأزرق وهذا الاخير من الالوان التي اعشق، وبعد السلام والتعارف و لقاء صحفي أصبحنا صديقين، ما أتاح لي الاطلاع على عوالمه، وجدته يشبه لوحاته إلى حد التطابق.
في تلك المرحلة استطاع داحول تعييش الناس في حالة من القداسة الفنية، واليوم في لوحته الاخيرة على صفحته انتابتني مشاعر متناقضة، شعرت ان المراة التي بدأ يرسمها سمينة في حالات تعبيرية مختلفة، اغلبها حزين، هذا الوجه النافرة عيناه من الدهشة - اللوحة مقسومة قسمين اعلاه امرأة وأسفله دمار - يحمل الكثير من اشارات الاستفهام، الى اين ولماذا ومتى سينتهي هذا الوجع؟ وهذا سؤال سوري، لان هذا الوجه هو وجه كل امرأة سورية، الخطوط البارزة في اللوحة هي الاسود والأبيض، بما يختزنانه من كل تناقضات الحياة.
ويمكنني البوح هنا بانني راقبت القناع الذي يرتديه الوجه منذ قرابة العشر سنوات، وقد بات العنصر الاكثر جوهرية في اعماله فوجدته «مريميا» سمحا.
والانتقال بوعي داخلي او بضغط المحيط، من الانسيابية والخطوط الدقيقة والرقة، والرجل والمرأة النحيفان، إلى امرأة «الانتظار والوحدة» السمينة مع الغائب الحاضر، الرجل، لم يفقداه تلك القدرة على الادهاش وايصال الاحساس المستمرين حتى في هذه المرحلة العصيبة، فبلوحة واحدة استفزني صفوان كمتلقية، بخط ولون وتعابير. وأعادني إلى حالة مغايرة مابين الإحساس بالرومانسية التي غمرتني في معرضه الأول، ومابين الإحساس بالفجيعة في لوحته الأخيرة، ألم على وطن لم نعد نجد فيه غير الركام والدخان.