تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


حروب الإلغاء!

فضائيات
الخميس 26/4/2007
خالد مجر

قال بثقة العارف: لن نمضي عشرين سنة حتى تغلق السينما أبوابها, وكذلك المذياع لن يعود موجوداً, لأننا ببساطة نعيش عصر التلفزيون.

هذا الكلام قاله أحد أبطال فيلم سوفييتي, في محاولة منه لقراءة المستقبل, وكانت هذه الجملة قبل (اختراع) الفضائيات التي نتابعها.‏

الذي حدث نعرفه جميعاً ازدادت سطوة التلفزيون أكثر فأكثر مع دخول عصر البث الفضائي, لكن الذي حدث أيضاً, أن أياً من الفنون الأخرى لم يندثر, قديمها وحديثها, فقد أثبتت الفنون أنها مثل الاكتشافات الإنسانية كلها, تعيش إلى جانب بعضها بعضاً, يأخذ كل واحد من الآخر ما يحتاج إليه كي يعيش ويستمر في الوجود. بمعنى آخر, الإلغاء هو حالة إنسانية بامتياز لا علاقة للقوانين الطبيعية فيها, ووسائل الاتصال القديمة وصولاً إلى الانترنت متجاورة مع بعضها دون حروب الإلغاء التي يشعلها البشر حين يغلبون مشاعرهم على الواقع, يحدث مثل هذا التغليب أيضاً على مستوى الأفراد حين يقيمون أفراداً آخرين.‏

تغمرني السعادة حين أسمع عن مهرجان للمسرح مثلاً حيث لا كاميرات أو ميكرفونات, أو أي تأطير للصوت والصورة, بل فضاء رحب للأشخاص والأفكار, التي لا تستطيع الشاشة, أي شاشة, أن تستوعبها.‏

ربما هذه المفارقة هي ما تعطي الفنون أهمية حضورها المستقل كل عن الآخر, فيبقى للمسرح وهجه وكذلك للاذاعة أو السينما وحتى الكتاب أيضاً. الذي يحدث أن التلفزيون يحاول جاهداً إلغاء الآخرين أفراداً وفنوناً, معلناً بسبب حضوره الطاغي, ليس أنه الوحيد الموجود فقط, بل إنه المستقبل أيضاً.‏

لكن تقنية التلفزيون (لا تستطيع أن تفعل ذلك وحدها, بل هي وسيلة لنا نحن, أي أننا نحن من نلغي الآخر والتلفزيون بكل سطوته, ليس إلا سطوتنا نحن البشر.‏

كنت وما أزال أرى الفن اقتراحاً فكرياً وبصرياً قابلاً للجدل حوله, فهناك من هو مع ومن هو ضد.‏

المشكلة أن القائمين على إدارة التلفزيونات يعتقدون أنهم وحدهم المروجون في الفضاء, وأن الفضاء كله لهم وحدهم, وهذا يعيدني إلى بطل ذاك الفيلم الذي مضى على نبوءته نحو نصف قرن ولم تتحقق النبوءة. وأجزم أنها لن تتحقق لأنها ببساطة ضد طبيعة الإنسان, لذلك سيبقى التلفزيون اقتراحاً فكرياً وبصرياً, وإلى جواره مجموعة أخرى من الاقتراحات والفيصل في هذا وذاك: الإنسان وحده.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 خالد مجر
خالد مجر

القراءات: 1418
القراءات: 1209
القراءات: 1269
القراءات: 1145
القراءات: 1464
القراءات: 1292
القراءات: 1229
القراءات: 1433
القراءات: 1173
القراءات: 1446
القراءات: 1196
القراءات: 1248
القراءات: 1570
القراءات: 1593
القراءات: 1298
القراءات: 1394
القراءات: 1391
القراءات: 1187
القراءات: 1287
القراءات: 2538
القراءات: 1194
القراءات: 1639
القراءات: 1580
القراءات: 1446
القراءات: 1346

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية