فالمشكلة هنا تتكرر كل عام لأننا على ما يبدو نجتر نفس الأخطاء السابقة لا بل وبوضوح أكثر نعالج النتائج بعيدا عن الأسباب الحقيقة التي تبقى أساس المشكلة الكامنة بتسويق فائض المنتجات وخاصة المحاصيل الزراعية منها والتي تصنفها وزارة الزراعية بالمحاصيل الاستراتيجية ...!
فمشكلة تسويق فائض الإنتاج تتكرر كل عام وباتت تؤرق جميع المنتجين رغم محاولة التصدي لها عبر حصر القضية بجهة واحدة مثل هيئة تنمية وترويج الصادرات لكن تعدد الجهات والصلاحيات يشتت الجهد ويحول دون ذلك ...! ولنأخذ مثالا هنا تسويق الحمضيات التي تتغنى وزارة الزراعة مع بداية كل موسم بحجم الإنتاج الذي يفوق المليون طن سنويا والذي يتحول الى عبء على منتجيه لعدم وجود أسواق تصريف مناسبة من جهة وفقدان المواصفات المطلوبة للأسواق الخارجية من جهة ثانية ...!
اذا المشكلة لها بعدان الأول ذاتي محلي والثاني خارجي وكلاهما مترابطان بشكل أساسي وبلغة الأرقام نجد ان حاجة اسواقنا المحلية من الحمضيات لا تشكل اكثر من 60% _70% من اجمالي الإنتاج ورغم كل المساعي لفتح أسواق جديدة وخاصة بعد اعتماد سياسة التوجه شرقا الا ان اجمالي الصادرات من هذه المادة لم يزد وفقا للأرقام المتوفرة عن 30 الف طن أي لا يشكل اكثر من 10% من اجمالي فائض الإنتاج
تبقى المشكلة الأساس رهن التحدي الكبير وهو توفير المقومات الحقيقية لتصدير المنتجات الزراعية او غيرها وتلك المسؤولية يجب ان تتصدى لها جهة محددة وليس عدة جهات لأنه مع تنوع وتعدد الجهات تضيع الجهود ونقع بالأخطاء التي تتكرر في كل عام وهي ترحيل المشاكل وليس مقاربتها او حلها بشكل جذري لذلك نؤكد على أهمية وضرورة ملامسة الأسباب الفعلية لتراجع التصدير بعيدا عن التنظير والتهويل الإعلامي رغم أهميته لكن بعد وضع النقاط على الحروف ومن ثم نكون قد وصلنا الى تحديد المسار السليم الذي يجب ان تسلكه قاطرة التصدير بعيدا عن العقد والروتين بدءا من الإنتاج بمواصفات تنافسية وصولا الى التوضيب والتغليف والنقل الى الأسواق المستهدفة مع توفير دعم للمصدرين وهذا ما تقوم به الهيئة اليوم لبعض المنتجات كجهد لا يكتمل الا بتوفير الشروط والمقومات الأخرى المشار اليها عندها نكون قد وضعنا يدنا على الجرح وبدانا بالمعالجة الحقيقية لتنشيط وتحفيز الصادرات فهل نبدأ رغم التأخير الحاصل حتى الان ...!؟