في وقت يتطلع فيه الجميع إلى زيادة معدلات الإنتاج وترشيد الإنفاق العام للحدود التي يقتصر فيه الأمر على تمويل الضرورات فقط.
هذا الكلام لم يأتِ من فراغ فثمة إدارات لا تزال تعمل بعقلية مرتاحة تنفق بشكل مثير للأسئلة على تجهيز المكاتب وتبديل الفرش وتحسين المنظر العام ومثلها إدارات انتظرت الموازنة لتطلق يديها بالمصيف رغم تأكيدات الحكومة على ترشيد الإنفاق وكأن المسألة لا تعنيهم على الإطلاق.
المهم أن الجميع بات يدرك ضرورة الترشيد والأمر صار نهجاً عاماً لدى الجهة المعنية بإصدار ما يلزم من قرارات وسياسات ناظمة لهذا الترشيد ومع ذلك ثمة حقيقة تقول رغم كل الصعوبات ما زال هناك مساحات واسعة للوفاء بالالتزامات المالية وهي مساحات مطمئنة سواء لتمويل الضروريات أم لتوفير الحد المطلوب لاستيراد المواد والسلع الضرورية لحاجات المواطن، وبين الحالتين ثمة ما يشير لمساحة أوسع من التفاؤل نقرؤها بما أعلنه وزير المالية في لقائه الفعاليات الاقتصادية بمحافظة اللاذقية حيث كشف النقاب عن عزم الحكومة على إطلاق مشروع منح القروض التشغيلية قصيرة الأجل للمشاريع الصغيرة والمتوسطة والحرفية في الوقت القريب مؤكداً أن هذا المشروع (سيرى النور قريبا) مع إيجاد الظروف المؤاتية لإقلاعها بهدف تحريك عجلة الإنتاج وتوفير فرص العمل وتخفيف الاستيراد فضلاً عن توفير قطع أجنبي عند تصدير منتجات هذه المشاريع. مع إشارات واضحة إلى أن الحكومة تتجه نحو (تنمية وتشجيع الإنتاج والسياسة الحمائية) بما ينسجم مع الظروف الاقتصادية التي تمر بها سورية والتي تفرض إيجاد موازنة بين الإمكانات والحاجات. خاصة أن مؤشرات التعافي في الاقتصاد الوطني بدأت بالصعود التدريجي منذ بداية العام الماضي نتيجة عودة الثقة وازدياد الإنتاج.
الواضح أن هذا التعافي لا يعني التراخي عن بذل الجهود المطلوبة فثمة معوقات تقف في وجه تحقيق الهدف وشد عجلة النمو إلى الوراء إن لم نقل تعطيلها حتى يتاح لتجار الحروب والأزمات جني المزيد من الأرباح ومضاعفة رصيدهم على حساب الوطن والمواطن.
هي إذاً مسألة وقت ولهذا فإن مشروع القروض القادم لن يكون نهاية المسألة بل هو أول الخطوات التي تحتاج لما هو أكثر أهمية في المستقبل القريب.