وتمادى مستغلو الأزمة وجاهروا بجشعهم في أوقات قست فيها كل عوامل الشر والحصار والحرب والإرهاب الأسود على الوطن والمواطن، وتحولت أجهزة حماية المستهلك الرقابية بنظر المواطن، إلى شريك في حالة التسيب والفوضى لعدم قدرتها على وضع حدّ للمتلاعبين وتجار السوق السوداء، فبينما لاتتوافر مادة المازوت أو البنزين في الكثير من المحطات، وحالة الازدحام التي تشهدها، وطوابير البشر التي على استعداد أن تقضي ساعات الليل والنهار بالكامل للحصول على حاجتها ولو بكميات محدودة، تجد في المقابل أسماءً وتجاراً لديهم الكمية التي تريدها، لكن بأسعار مضاعفة وعلى مرآى الجهات الرقابية.
ويأتي إجراء وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك منذ أيام بإغلاق أحد محطات الوقود بدمشق ولأول مرة يتم توقيف كامل عمال المحطة بهدف إحالتهم إلى القضاء ومصادرة الكمية، ليؤكد على أن تلك الأجهزة الرقابية حين تريد أن تقوم بدورها ليست عاجزة، وهي تملك القانون والأدوات الكفيلة بالعقاب لمن تسوّل لهم أنفسهم التلاعب والغش، وقد شكل هذا الاجراء ارتياحاً لدى المواطنين الذين اعتقدوا ولأشهر أن هذه المحطة وغيرها محصنة ومدعومة لدرجة أن تعجز أي جهة على ضبطها، وبات أصحاب المحطات الخاصة (يتوضون باللبن) خوفاً من هذا الاجراء الذي يكشف حلقات فساد كبيرة.
شكاوى عديدة لحالة الفوضى وتمادي بعض أصحاب محطات الوقود بالتلاعب في سعر المادة، من خلال أتاوات بات يفرضها عمال المحطة على كل تعبئة والبيع بسعر زائد، والتلاعب في العدادات والكيل والذي بات نهج عمل لدى معظم المحطات، فهل سنجد قرارات جريئة بحق من (يتوضون باللبن) من مخالفين أم سيبقى هذا القرار الذي اتخذته الوزارة يتيماً؟، كما أن هناك مخالفات أكبر في تحويل الجزء الأكبر من طلبات بعض المحطات من مصفاة حمص باتجاه التهريب وترك طلبات قليلة لبيعها أمام الملأ، وعلى عيون البشر بأن المحطة تعمل، بينما الكميات الأكبر من مخصصاتها تحول للتهريب الأمر الذي يتطلب اجراءات رقابية أكبر وآليات كفيلة بضبط خروج ووصول الكميات لكي نقطع الطريق أمام السوق السوداء فهل نفعل..!!؟؟