تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


حلاب النملة

معاً على الطريق
الخميس 1-12-2011
عبد النبي حجازي

في الغسق يمضي الحواج إلى عميله التاجر، ويملأ الخرج ببضاعته من السكر والشاي والأرز والحلاوة والخيوط والإبر والكباسات والأزرار،

وفي الصباح الباكر يجهز حماره ويزين الرسن والبرذعة بالذؤابات الملونة حمراء وصفراء وخضراء ويشد الرحال إلى البادية يجول على المضارب فيتحلق حوله الأطفال والنساء يقايضهم ما يشاؤون من بضاعته بالزبدة والحليب واللبن والبيض وينام لدى أول من يضيفه مع حماره آكلين شاربين نائمين وفي الصباح يعود أدراجه إلي عميله يسلمه البضاعة وقد ضرب عصفورين بحجر واحد: الربح ببضاعة باعها، والربح ببضاعة قايضها.‏

والحواج رجل من العتاة قادر على الصبر على مشاق السفر وتجشم الصعاب ومفاجأة قطاع الطرق وتحمل صبارة القر ولذعة الحر، اعتاد على مناطق يرتادها أما إذا عضه الفقر فيرى أنه ملزم أن يرود مناطق بعيدة جديدة يستكشفها عساه يجد فيها غنيمة، واما أن يكون عميله مجموعة شركات عملاقة زلت بها قدم الدهر وأن يكون امرأة فليس سوى هيلاري كلينتون وزيرة خارجية أميركا وقد بعثها الرئيس باراك أوباما إلى بورما واسمها الرسمي جمهورية اتحاد ميانمار بعد اتصاله بالزعيمة الديموقراطية سان سوتشي وميانمار هي إحدى دول جنوب شرقي آسيا التي نالت استقلالها عام 1948 وعاصمتها يانجون وتقع على امتداد خليج البنغال، يحدها الصين والهند وبنغلادش ولاوس وتايلند ، نظامها جمهوري ويحكمها مجلس عسكري برئاسة ثان سين، عدد سكانها يزيد على 50 مليون نسمة ومساحتها تقارب سبعة آلاف كم2 ولغتها الرئيسية هي البورمانية إضافة إلى لغات أخرى متعددة، ديانة الأغلبية هي البوذية وثمة أقليات من المسلمين والمسيحيين والهندوس ومساكن أهلها من الخيزران المسقوف بالقش ومناخها مداري و80٪ من شعبها يعرفون القراءة والكتابة وفيها عدد من الجامعات والمعاهد وهي دولة زراعية يشكل الأرز 43٪ من انتاجها.‏

لا يستطيع المرء أن يقول إن زيارة كلينتون بريئة ولكنه لا يستطيع أن ينفي عنها أنها (مصلحية) ولا يستطيع إلا أن يربط دوافعها بالأزمة الاقتصادية.. كانت أميركا تسعى إلى بيع السلاح مثلاً لتزيد من رفاهية شعبها لكنها الآن تسعى إلى محاربة البطالة والكساد فتكون قناعة أوباما في إطار البحث عن مصادر الرزق (لقمة العيش) لهذا العملاق ذي الذراع الطويلة ومن المتوقع أن يطير إلى ميانمار المستثمرون ليطعموا العشرة حتى يأكلوا التسعين.‏

ولعل أوباما يفكر بوسائل رزق أخرى كالبحث عن البترول أو السياحة أو ما يستجد في تلك الأقاليم البعيدة المجاورة لميانمار فينقذ بلده من الوقوع في مستنقعات الحروب وما تخلفه من المآسي. إن الأزمة الاقتصادية صارت إعصارا مزلزلاً يؤكد أن الجميع مكشوفون وأنه ما من أحد على رأسه خيمة، حيث لا تنفع القنابل النووية وحرب النجوم التي محاها توقف الحرب الباردة بين معسكرين أحدهما تكسرت مجاذيفه والآخر ألقى السلاح جانباً وصار حلاب النملة ومن المرجح أن تكون الغاية من زيارة كلينتون هي الاقتراب من الصين التي تزداد أميركا توجساً منها.‏

anhijazi@gmail.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 عبد النبي حجازي
عبد النبي حجازي

القراءات: 2148
القراءات: 1086
القراءات: 1095
القراءات: 1083
القراءات: 1286
القراءات: 1111
القراءات: 1046
القراءات: 1332
القراءات: 1299
القراءات: 1152
القراءات: 1682
القراءات: 1208
القراءات: 1770
القراءات: 1250
القراءات: 1206
القراءات: 1306
القراءات: 1245
القراءات: 1328
القراءات: 1311
القراءات: 1322
القراءات: 1538
القراءات: 1696
القراءات: 1484
القراءات: 1402
القراءات: 1834

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية