تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


14 آب ...المقاومة و محورها و تراكم الانتصارات

متابعات سياسية
الاثنين 14-8-2017
العميد د. أمين محمد حطيط*

قبل 11 عاما و في 14 آب بالتحديد بدأ العمل بقرار مجلس الأمن الرقم 1701 الذي نص على بوقف الأعمال العدوانية – القتالية – على الأراضي اللبنانية ، و هي الأعمال التي ابتدأتها إسرائيل في 12 تموز 2006 بهدف معلن محدد هو اجتثاث المقاومة من لبنان والانطلاق إلى بناء شرق أوسط أميركي جديد يقوم على نظرية تفتيت المنطقة وتفكيكها

ثم إعادة تركيبها على أساس عرقي ديني طائفي مذهبي انثني ، يعتمد مبدأ « لا دولة قوية في المنطقة إلا إسرائيل ، و لا قوة مسيطرة في العالم ألا أميركا « و ذلك تعزيزا و تثبيتا لنظام «الأحادية القطبية الذي انطلقت أميركا في أقامته مباشرة بعد تفكك الاتحاد السوفياتي و غياب القطب الدولي المواجه لسياسة الهيمنة الغربية .‏‏

لقد توقفت الأعمال القتالية تلك دون ان تحقق إسرائيل ومن خلفها وبقيادة أميركية مبتغاها من العدوان الذي شنته على لبنان ومقاومته، وبالتالي وتطبيقا لقواعد النزاعات المسلحة والحروب التي بمقتضاها يحدد النصر والهزيمة تكون إسرائيل والجهة او المجموعة التي دعمتها في عدوانها قد هزمت، لان هزيمة المهاجم تكمن في عجزه عن تحقيق أهداف هجومه واضطراره إلى وقف الهجوم مكرها، وهذا هو حال إسرائيل في العام 2006 التي أكرهت على وقف هجومها دون تحقيق أهدافها، فقدمت لها أميركا القرار 1701 حبل نجاة يخرجها من مأزقها شكلياً.‏‏

لقد شكلت هزيمة إسرائيل في العام 2006 حدثا استراتيجيا كبيرا لم تنحصر تداعياته ومفاعيله على علاقة إسرائيل بلبنان ومقاومته بل تعدتها إلى محور المقاومة برمته، ثم شمل المنظومة الدولية الاستعمارية التي تنتمي اليها إسرائيل، لان نصر المقاومة بالشكل الذي حصل أكد سقوط أكذوبة « الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر» وسقوط مقولة « إسرائيل تذهب إلى الحرب والميدان متى تشاء وتعود سليمة إلى مواقعها بالنصر الذي تريد “. و كان لهذا السقوط اثر بالغ على استراتيجية القوة الصلبة التي اعتمدتها أميركا لإقامة النظام العالمي الجديد على أساس الأحادية و الذي جعلت من جيشها و الحلف الأطلسي و الجيش الإسرائيلي أداته التنفيذية ، و كان للفشل الإسرائيلي في الميدان في مواجهة المقاومة التأثير الكبير على السلوك كله ، تأثير جاء في مستوى التغيير الاستراتيجي و الانتقال إلى استراتيجية القوة الناعمة التي اعتمدت و لا زالت اعتبارا من العام 2007 ، و هي الاستراتيجية التي بمقتضاها تقوم القوى الاستعمارية باختلاق الأزمات المدمرة و إدارتها دون ان تضطر إلى فتح الجبهات و زج جيوشها التقليدية فيها .‏‏

لقد ترجمت استراتيجية القوة الناعمة الجديدة بشكل عام في المنطقة هنا فيما اسمي «ربيعا عربيا» وجاء في التنفيذ حريقا وتدميرا لبلاد العرب بصورة عامة ولسورية بصورة خاصة. وأقول لسورية لان المشروع الاستعماري العدواني كان يرى ان أسقاط سورية وإخراجها من محور المقاومة سيفكك المحور ويعوض هزيمة الـ 2006 ويفتح الطريق أمام الشرق الأوسط الأميركي الجديد.‏‏

و لكن و بعد 7 سنوات من البدء بتنفد العدوان بقيادة أميركية ، و بعد الصمود الأسطوري السوري ، صمود تحقق بما امتلكته سورية من قوة و صلابة و مناعة ذاتية ، ثم بما قدمه محور المقاومة من تأييد و دعم و مساندة و مساعدة ، ثم بما جاءت به روسيا من مواقف سياسية في البداية ، ثم انخراط في معسكر الدفاع عن سورية في الميدان ، بعد هذا الصمود بدأ يرتسم الآن مشهد معاكس لما تمنته أميركا و إسرائيل و من تبقى من مكونات محور العدوان ، مشهد اقل ما يقال فيه ان العدوان على سورية بالإرهاب المصنع و المقاد أميركيا فشل في تحقيق أهدافه ، ثم ان عناصر الميدان القائمة في صورتها الأخيرة تنبأ قطعيا بانه لامجال و مهما طال أمد الصراع على الأرض السورية ، لا مجال لانتصار العدوان في تحقيق أهدافه ، سواء كانت الأساسية (أي السيطرة على كامل سورية ) او البديلة ( تقسيم سورية ) او الاستراتيجية التعويضية ( إقامة مناطق الفصل و العزل بين مكونات محور المقاومة و جعل الحدود خطوط فصل تحميها قوى محلية مدعومة بالقواعد العسكرية الأجنبية ) .‏‏

لقد حقق الجيش العربي السوري وحلفاؤه، إنجازات ميدانية مهمة جدا أدت إلى رسم معالم مرحلة جديدة يمكن ان توصف بانها مرحلة إسقاط الخطط العدوانية وتسييج الأمن السوري وعزله عن مصادر الإرهاب المتدفق من الخارج، وتخفيض حدة الصراع والقتال في الداخل بشكل يمكن الجيش العربي السوري والحلفاء من القضاء على الإرهاب القائم على الأرض السورية واستعادة المناطق التي خرجت عن سيطرة الدولة وإسقاطها كلها وفقا للصيغ التي تحددها مقتضيات المعالجة الآمنة. وفي هذا الإطار نتوقف عند الإنجازات التالية:‏‏

- استطاعت سورية ان تفرض السيطرة على كامل الحدود الأردنية السورية وان تعيد المخافر الحدودية اليها وان توجه صفعة مهمة جدا لما ابتغته أميركا من مناورات الأسد المتأهب التي اعتمدتها لتكون سبيلها للتدخل العسكري في سورية انطلاقا من الأردن ووصولا إلى دمشق، وكذلك أسقطت مشروع منطقة الفصل مع الأردن المتمم لحزام الأمن الإسرائيلي الذي خططت له إسرائيل.‏‏

- تطهير الحدود اللبنانية السورية من الإرهابيين واقتلاع جبهة النصرة منها وإفشال المشروع الإسرائيلي الأميركي لإقامة منطقة العزل بين الدولتين التي تشكل جبهة النصرة نواتها، كما والاستخفاف بالمشروع او التهويل بتعديل القرار 1701 لنشر اليونيفل على الحدود اللبنانية السورية لمحاصرة حزب الله شرقا بعزله عن سورية (أما ما تبقى من إرهابيي داعش فانه قيد المعالجة ونكاد نقول انه بعد القرار اللبناني الذي لا رجعة عنه بات الأمر مسألة وقت فقط).‏‏

- أما القسم المقابل لخط وقف إطلاق النار في الجولان والذي عملت إسرائيل وأميركا على تحويله إلى منطقة حزام أمنى لإسرائيل وحراسته بقوات أميركية وإبعاد القوات الحليفة لسورية عنه، فقد ادخل في منظومة مناطق خفض التوتر وبالشرط السورية التي ترفض وجود قوات أمريكية وترفض الإملاء او تحديد من يكون في المنطقة من حلفاء سورية.‏‏

- و في الجزء الجنوبي الشرقي من الحدود مع العراق و تحديدا من التنف و إلى الشمال منها فقد نجحت القوات السورية مع الحلفاء ببلوغ نقطة الحدود و أفرغت الخطة الأميركية من محتواها و هي الخطة التي قامت على تسليح قوات محلية تعمل بأمرة أميركا و مدعومة بقاعدة عسكرية أميركية أقيمت في التنف ، ما اضطر أميركا إلى إلغاء كل تلك الترتيبات و التسليم بالأمر الواقع ، التسليم بالاتصال بين القوات المسلحة السورية والعراقية ، واستعادة السلاح ممن سلحته في البادية و التحضير لإغلاق قاعدة التنف و الإعلان الواقعي عن فشل الخطة التي أعدت للحدود العراقية مع سورية.‏‏

انها انتصارات هامة سجلت في الأسابيع الأخيرة ، و اذا عطفت على ما سبقها من انتصارات و على ما هو قائم من اتفاقات حول مناطق خفض التوتر او استعدادات لإنجاز ما تبقى من مهام دفاعية تبتغي الحفاظ على وحدة سورية نستطيع ان نقول بأن معارك الدفاع عن سورية في اطار الحرب الكونية اللي شنت عليها باتت في مراحلها الأخيرة ، و لم يعد من معارك مهمة كبرى سوى ما يحصل في المنطقة الشرقية من الرقة إلى البو كمال مرورا بدير الزور و السخنة ، و من تابع مؤخرا العمليات العسكرية السورية المتطورة و التي تمثلت بالأنزال الجوي السوري خلف خطوط العدو ب 21 كلم يعرف جيدا ماذا تعد سورية للمنطقة لاستعادتها.‏‏

وهكذا وبعد 11 عاما من انتصار المقاومة في لبنان على العدو الإسرائيلي الذي اعتمد استراتيجية القوة الصلبة، تستعد سورية ومحور المقاومة لتسجيل الانتصار على التحالف الذي قادته أميركا والذي استعمل استراتيجية القوة الناعمة واستند للإرهاب ليستثمر به .... انه زمن الانتصارات وتثبيت مقولة شرق أوسط لأهله.‏‏

* استاذ جامعي وباحث استراتيجي - لبنان‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 أمين حطيط
أمين حطيط

القراءات: 1160
القراءات: 1802
القراءات: 1901
القراءات: 2128
القراءات: 2457
القراءات: 2508
القراءات: 2564
القراءات: 2556
القراءات: 2519
القراءات: 3018
القراءات: 3511
القراءات: 3123
القراءات: 3669
القراءات: 3502
القراءات: 3271
القراءات: 3824
القراءات: 3525
القراءات: 4545
القراءات: 4346
القراءات: 4720
القراءات: 4421
القراءات: 4324
القراءات: 4338
القراءات: 4746
القراءات: 5317

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية