صوتت عليه الجمعية العامة.. فكان نموذجاً لعجزهما، الأمم المتحدة وجمعيتها العامة.. عن صنع أي شيء ولا سيما في قضية الحرب والسلام التي هي سبب ومبرر وجود الأمم المتحدة كما تؤكد ديباجة إنشائها.
بكل الأحوال تبدو القضية من منسيات النضال السياسي للدول، أصبحت مجرد (تلطيشات) تستخدم للمناكدة السياسية غالباً.. فإن سألت الولايات المتحدة عن هيروشيما، وهي إحدى الكوارث الرهيبة التي دفعت لإنشاء الأمم المتحدة ويومها العالمي للسلام.. لا تشك أبداً أنهم يرون بقنبلة هيروشيما خدمة للسلام العالمي!!.
في الاجتماع الأخير لمجلس الأمن الدولي، قال مندوب فرنسا، وهي إحدى الدول دائمة العضوية في المجلس:
عملية إدلب يمكن أن تهدد الأمن الدولي.. بسبب احتمال هروب الإرهابيين من سورية.
عبارة تعطي أكثر من بيان حول رؤية السلام العالمي الراهنة، أولاً لاحظ حلول عبارة الأمن الدولي وليس من استخدام للسلام العالمي إلا قليلاً.. الفرق بين المصطلحين واضح.. الأمن الدولي هو أمن دول داخل حدودها بغض النظر عن أمن غيرها.. وفي معايير الرؤية السياسية المعاصرة للغرب الاستعماري، هو يحددها بأمن الدول الغربية المتحكمة إلى هذا الحد أو ذاك بمصير العالم.
ارجع إلى عبارة المندوب الفرنسي مرة أخرى.. هو يقر بوجود إرهاب في إدلب... ويرفض عملية تستهدف اقتلاعه منها، إلى درجة التهديد المعلن لسورية إن هي بدأتها... ويريد أن يبقى الإرهاب في سورية كي لا ينتشر بسبب هروب الإرهابيين... نقطة انتهى.. ما مصير السلام العالمي في هذه الحالة..؟! أنا متأكد أنه لا يتذكره ولا يذكره ولا يعنيه.. وبشكل عام تعتبر سياسة الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة والعربان وغيرهم في حصار الشعب السوري من أهم تهديدات السلام العالمي.
لعل عبارة السلام العالمي نشأت أو انتشرت وانتشت في ظل موقف دول العالم الثالث من الصراع بين المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي بعد الحرب العالمية الثانية وقيام حلفي وارسو والأطلسي.
هكذا ظهر مؤتمر باندونغ والموقف المعلن المتحد بين عبد الناصر (سورية ومصر) و تيتو (يوغسلافيا) و أحمد سوكارنو (أندونسيا) وأيضاً نهروا (الهند) ومهد ذلك لقيام منظمة دول عدم الانحياز.
يشكل الواقع الضعيف لمنظمة دول عدم الانحياز في العالم اليوم.. حالة السلام العالمي ربما.
ورغم بعض الحرج الذي تشعره ولا بد دول عدم الانحياز من واقع منظمتهم، ولا سيما منهم الدول المؤسسة التي ليس لها إلا أن تتذكر مجداً غابراً، إلا أنه في حقيقة الأمر ليس واقعها أسوأ من واقع الأمم المتحدة.. خصوصاً إن كان الحديث يجري في إطار السلام العالمي..
هكذا وعلى صوت قرع طبول الحرب.. والموت في كل شوارع العالم.. نحيي اليوم العالمي للسلام.. له يوم وللحروب كل الأيام.
as.abboud@gmail.com