|
اقتصا د ومادام النفط عصب الاقتصاد العالمي , حتى تحل طاقة بديلة مكانه , فإن الطلب على النفط سيزداد مستقبلاً مثلما ازداد الطلب عليه في السنوات القليلة الماضية , إذ تأثر الطلب العالمي على النفط بالنمو الاقتصادي العالمي رغم تباطؤ النمو في الولايات المتحدة أكبر مستهلك للنفط في العالم ..
فالحاجة للنفط وازدياد الطلب عليه ,ليس من أجل توليد الطاقة فقط , بل بسبب اعتماد صناعات كثيرة على النفط ,حيث تبلغ القيمة المضافة الى ثمن برميل النفط بعد تصنيعه أضعافاً مضاعفة .. وقد خضعت أسعار النفط لتقلبات عديدة بين ارتفاع وانخفاض , واقتربت الأسعار في الولايات المتحدة من /50/ دولاراً للبرميل الواحد , وكانت الأسعار في الربع الأخير من عام 2004 قد تجاوزت حدود ال¯ 50 دولاراً . وقد تأثرت أسعار النفط ارتفاعاً بسبب ازدياد الاستهلاك مع بدء الصين والهند بالمنافسة على مصادر الطاقة التي تحتاجها لتلبية مطالبهما المتزايدة بسبب ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي في البلدين وخاصة في الصين التي تستورد معظم حاجتها من النفط من الخارج . ازدياد الطلب على النفط وتحاول منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك ) إيجاد توازن في سوق النفط بين العرض والطلب , وتخضع احيانا للضغوطات الغربية من أجل زيادة الطاقة الانتاجية ,حيث عقدت المنظمة اجتماعها الأخير في فيينا وهو اجتماع استثنائي أبقت منه سقف الانتاج على حاله كما هو محدد حالياً ب¯ /27/ مليون برميل يومياً , بينما تحاول بعض دول الأوبك رفع طاقتها الانتاجية للحفاظ على هامش اضافي في طاقة الانتاج يصل الى مليوني برميل يومياً . ويتخوف المنتجون من انخفاض الطلب على النفط بعد انقضاء فصل الشتاء وزيادة حصص الانتاج لبعض دول الاوبك وهذا سيؤدي بدوره الى انخفاض أسعار النفط . وتشير الاحصاءات الى أن الطلب على النفط قد ازداد بنسبة 75 % تقريبا عن عام 1970 , إذ كان حجم الطلب نحو 47 مليون برميل في اليوم ,ارتفع هذا الطلب الى 81 مليون برميل في اليوم عام 2004 كما ازداد الطلب على الغاز فقد ارتفع معدل الاستهلاك العالمي من ألف مليار ومئة مليون متر مكعب في عام 1970 الى ألفين و700 مليار متر مكعب في عام 2004 أي بزيادة مقدارها /145% ومن المتوقع ان يرتفع الطلب العالمي على النفط من /81/ مليون برميل في اليوم الى نحو /90/ مليون برميل في اليوم عام 2010 وإلى / 106/ ملايين برميل في اليوم بحلول عام 2020 . وتتأثر أسعار النفط بحجم العرض العالمي للنفط كما يتأثر العرض العالمي من النفط بعوامل عديدة , منها حجم الاحتياطي وتكاليف الانتاج والتطوير وأشكال الاستثمار والأنظمة الضريبية المطبقة والظروف السياسية في مناطق الانتاج. وتستقطب المنطقة العربية المستثمرين في قطاع النفط كون النفط العربي الأدنى عالمياً من حيث التكلفة كذلك من حيث حجم الاحتياطات حيث تمتلك المنطقة العربية / أكثر من 630/ مليار برميل من الاحتياطي العالمي من النفط البالغ / 1055 / مليار برميل . من أجل ذلك أصبحت المنطقة العربية منطقة اطماع من قبل الدول ومنطقة صراع للسيطرة على منابع وممرات النفط والغاز, وقد تخاض من أجل ذلك حروب وصراعات بسبب السيطرة على النفط !! وقد حلت الشركات النفطية العملاقة محل الدول والجيوش في الصراع على النفط والفوز بعقود الاستكشاف واستثمار المليارات من الدولارات في هذا القطاع الهام على صعيد العالم كله . وقد زحفت الاستثمارات الغربية باتجاه بحر قزوين بعد انهيار الاتحاد السوفييتي , حيث الكميات الهائلة من النفط والغاز الطبيعي الموجود في المنطقة التي فتحت أمام تلك الاستثمارات. وقد تنبهت الهند والصين الى اللعبة ومحاولة الاستثمارات الغربية السيطرة على الاستثمارات النفطية فدخلت الشركات الهندية منافسا قويا للشركات الغربية وخاصة في ايران, أو قامت الشركة الوطنية للنفط والغاز في الهند بالعمل على شراء حصص في حقول نفطية في ايران وكذلك دخلت السوق لشراء بعض أصول ش¯ركة( يوكوس )للنفط الروسية العملاقة كما استثمرت الشركة الهندية مليارات الدولارات في حقول النفط في سيبيريا . وهكذا تتجه الدول التي لاتمتلك النفط الى التسابق على الحصول على استثمارات نفطية وغازية في أماكن مختلفة من العالم , وخاصة في المناطق الاستراتيجية والتي يتوفر فيها النفط بشكل اقتصادي . ومع ازدياد شهية الهند والصين لاستهلاك المزيد من النفط فان ارتفاع حجم الاستثمارات سيزداد عاماً بعد اخر , وتحاول الصين توفير حاجتها من النفط عبر آسيا الوسطى . مكانة نفط الشرق الأوسط ورغم الاحتياطات الكبيرة التي تملكها الولايات المتحدة وادعاء بعض السياسيين الأميركيين حول قدرة الأميركيين الاستغناء عن استيراد النفط من الشرق الأوسط , فان تقريراً لوكالة الطاقة الدولية لعام 2004 دحض هذه المزاعم حيث اشار التقرير الى أن دول الشرق الأوسط المصدرة للنفط سوف تواصل صدارتها ومكانتها كأهم مصدر للنفط والغاز في العالم كونها تحتوي على 60% من احتياطي النفط العالمي وأن حجم الاستثمار المطلوب في القطاع النفطي ستصل تكلفته الى /500/ مليار دولار بحلول عام /2030/. وتحاول بعض الجهات الأميركية التقليل من أهمية النفط في منطقة الشرق الأوسط وإيهام العالم بامكانية الاستغناء عن استيراده والتلويح بذلك بهدف تخفيض أسعار النفط ومحاولة شرائه بأرخص الأسعار . وأشار قسم التحليلات الاقتصادية في وكالة الطاقة الدولية الى أن استمرار تصدر واستمرار المكانة للدول الشرق أوسطية كأهم مصدر لتزويد العالم بالنفط والغاز يتطلب تسريع وتيرة البحوث التقنية وتطويرها في هذا المجال , وبأنه ليس المطلوب فقط من الدول المصدرة للنفط , أن تسعى فقط الى تلبية الزيادة في الحاجات من النفط والغاز , بل عليها أن تسعى أيضا الى زيادة حجم الاستثمارات في الصناعة البترولية من أجل الحفاظ على قدرتها الانتاجية الحالية وتطوير قدرات اضافية وجديدة للتغلب على معدلات انخفاض الانتاج. ويواجه القطاع النفطي في منطقة الشرق الأوسط صعوبات متعددة منها ازدياد الاستهلاك المحلي من النفطي والغاز مع أن انتاج الغاز سوف يتضاعف ثلاث مرات , أما الاستهلاك العالمي للغاز الطبيعي المسيل فسوف يزداد حوالى /6/ مرات . وأن الصين سوف تظل أحد المستهلكين الكبار للنفط في العالم , إذ تستهلك يوميا حوالى /10/ ملايين برميل , ويعود ذلك الى حركة الانتعاش التي يعيشها الاقتصاد الصيني وكذلك زيادة عدد السيارات اضافة الى العدد الهائل لسكان الصين. وقد قدر حجم الأموال اللازمة لتغطية متطلبات الاستثمار اللازم في القطاع النفطي خلال الفترة من 1998 وحتى عام 2010 بمبلغ /950/ مليار دولار وقد قدرت الاستثمارات المطلوبة لتطوير الطاقة الانتاجية في دول الخليج العربي ب¯ /300/ مليار دولار خلال السنوات العشر المقبلة وقد بلغ الانتاج العالمي من النفط في عام 2004 حوالى /81/ مليون برميل يومياً ويبلغ استهلاك الولايات المتحدة اليومي حوالى /20/ مليون برميل كنفط خام , أي حوالى 25% من الانتاج العالمي , بينما تستهلك /8/ ملايين برميل من البنزين أي 40% من انتاج مادة البنزين في العالم .. |
|