|
شؤون سياسية وبعيداً عن الرأي السائد بين فريق من المحللين، عن أن « الشيخ، قد فقد- مع كبر السن والمشكلات العائلية- البوصلة السياسية التي توجهه في الاتجاه الصحيح حين يفتي لمصلحة الأمة، وليس لمصلحة واشنطن وتل أبيب ، وهو يحسب أنه يحسن صنعاً، ولمصلحة أمراء الدوحة الذين لم يسأل نفسه ولو مرة واحدة لماذا هم تحديداً لا يصلهم هذا الربيع العربي رغم الظلم والاستبداد الموثق والمعلوم لأصغر داعية إسلامي فما بالنا بمن يضع نفسه في موقع رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين. -1- نقول بعيداً عن كل هذا دعونا نناقش فضيلة الشيخ الدكتور القرضاوي مناقشة فقهية على قدر علمنا المتواضع قياساً بعلمه الغزير، نناقشه في أحدث فتاواه، التي أصدرها قبل أيام والتي أفتى فيها بأن من حق السوريين أن يطالبوا دولاً أجنبية بالتدخل في بلادهم ، نناقشه بما يقوله الإسلام، قرآنا وسنة نبوية، ونحن هنا لسنا سوى ناقلين لآراء العلماء الثقاة، ولسنا بمبتدعين أو حتى مجادلين الشيخ الجليل لأن مقامه لدينا كبير ونتمنى عليه أن يعود إلى الحق، في هذا المجال، وخاصة وهو بتاريخه السابق على علاقاته الجديدة بأمير دولة قطر المحتلة/ قاعدة العديد مثالاً/ كان صاحب فتاوى مهمة في دعم الجهاد الفلسطيني، فكيف بمن دعم وساند المجاهدين ضد العدو الأميركي/ الإسرائيلي، يعود اليوم وفي أجواء الخلط المقصود من / النخبة المتأمركة/ بين الثورات الحقيقية/ مثل ثورة مصر. وبين ثورات الـC.I.A وحلف الناتو!! يعود ليفتي بما يخدم هذا العدو الأميركي/الإسرائيلي؟! بداية معلوم أن الواجب على المؤمنين، أن يكون الله تعالى هو وليهم وأن يكون بعضهم أولياء بعض، يتحابون ويتناصرون كما قال: تعالى إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا/ المائدة:55/ الله هنا هو الولي وليس الأجنبي يا فضيلة الشيخ. قال ابن جرير:« القول في تأويل قوله تعالى: إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون/ المائدة 55/ يعني تعالى ذكره بقوله: إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا ليس لكم أيها المؤمنون ناصر إلا الله ورسوله والمؤمنون الذين صفتهم ما ذكر تعالى ذكره، فأما الذين أمركم الله أن تبرؤوا من ولايتهم، ونهاكم أن تتخذوا منهم أولياء فليسوا لكم أولياء ولا نصراء ، بل بعضهم أولياء بعض ولا تتخذوا منهم ولياً ولا نصيراً/ جامع البيان في تأويل آي القرآن/6/287/، ومعلوم كذلك حرمة موالاة المؤمنين لأعداء الله الكافرين، قال تعالى: ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين/ المائدة51/. قال القرطبي: « قوله تعالى: ومن يتولهم منكم أي: يعضدهم على المسلمين فإنه منهم بيّن تعالى أن حكمه كحكمهم، وهو يمنع إثبات الميراث للمسلم من المرتد، وكان الذي تولاهم ابن أبي، ثم هذا الحكم باق إلى يوم القيامة في قطع الموالاة. وليتأمل معنا فضيلة الشيخ القرضاوي هذا الحديث النبوي الكريم عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بدر، فلما كان بحرّة الوبرة أدركه رجل قد كان يذكر منه جرأة ونجدة ففرح أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأوه فلما أدركه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: جئت لأتبعك وأصيب معك. قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: / تؤمن بالله ورسوله/ ؟ قال: لا ، قال: فارجع فلن أستعين بمشرك/، قالت ثم مضى حتى إذا كنا بالشجرة، أدركه الرجل فقال له كما قال أول مرة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم كما قال أول مرة، / فارجع فلن أستعين بمشرك/ قال: ثم رجع فأدركه بالبيداء، فقال له كما قال أول مرة: تؤمن بالله ورسوله/؟ قال : نعم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم / فانطلق/ صحيح مسلم،ح1817/ وعشرات الأدلة من القرآن والسنة لا يتسع المقام، وأنت أعلم بها مني يا فضيلة شيخنا القرضاوي. -2- إن الشيخ د. يوسف القرضاوي، وبدلاً من أن يدعو إلى المصالحة والحوار ودرء الفتن، إذ به مثل أميره/ حمد بن جاسم/ يستدعي الأجنبي ويفتي له ويبرر جرائمه ضد شعوبنا، وكله باسم / الثورة/ والثورة براء مما يدعون. هنا يقول العلماء إن من أهم الأهداف التي يتخذ المنتسبون للإسلام.. الكفار أولياء من دون المؤمنين ظنهم أنهم ينالون من موالاتهم العزة في الدنيا، كما قال تعالى: الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعاً/ النساء139/ وهم لاينالون في الحقيقة إلا نقيض قصدهم، وهي الذلة، ، لأنهم طلبوا العزة من غير العزيز الذي لا يملك العزة سواه. قال القرطبي: قوله تعالى: الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين. الذين نعت للمنافقين، وفي هذا دليل على أن من عمل معصية من الموحدين ليس بمنافق، لأنه لا يتولى الكفار وتضمنت المنع من موالاة الكافر وأن يتخذوا أعواناً على الأعمال المتعلقة بالدين، وفي الصحيح عن عائشة، أن رجلاً من المشركين لحق بالنبي صلى الله عليه وسلم يقاتل معه، فقال له:« ارجع فإنا لا نستعين بمشرك»/ الجامع لأحكام القرآن/5/416/. وقال ابن كثير وقوله تعالى: من كان يريد العزة فلله العزة جميعاً (فاطر10) أي من كان يحب أن يكون عزيزاً في الدنيا والآخرة، فليلزم طاعة الله تعالى، فإنه يحصل له مقصوده لأن الله تعالى مالك الدنيا والآخرة وله العزة جميعاً، كما قال تعالى: الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعاً/ النساء139/ وقال عز وجل: ولايحزنك قولهم إن العزة لله جميعاً/ يونس65/ وقال جل جلاله: ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون/ المنافقون:8/ تفسير القرآن العظيم /2/550/. أما عن تحريم اتخاذ غير المؤمنين بطانة من دونهم: قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا لاتتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالاً ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بيناً لكم الآيات إن كنتم تعقلون/ آل عمران118/ ومعنى قوله: بطانة من دونكم دخلاء من غيركم، وبطانة الرجل وأخلاؤه أهل سره ممن يسكن إليه ويثق بمودته مشتقة من البطن لا يألونكم خبالاً أي: فساداً يعني لايقصرون في فساد دينكم والعرب تقول ما ألوته خيراً، أي: ما قصرت في فعل ذلك به، وكذلك ما ألوته شراً، كل حلف فيه ضرر على المسلمين فهو محرم وهذه الرؤية مفصلة في / التبيان في غريب القرآن/ إن هذه الآيات المحكمة تؤكد خطأ ما أفتى به فضيلة الشيخ القرضاوي ومخالفته لصحيح الإسلام، وإذا ما أضفنا إليها الأوضاع السياسية الراهنة، واستغلال أميركا والغرب / للثورات/ ولدعوات الإصلاح لخلط الأوراق تمهيداً للاحتلال، فإن الاستعانة بالأجنبي، كما أفتى / القرضاوي/ تعد مخالفة صريحة ليس لمصلحة الوطن فحسب بل للدين والأمة الإسلامية كلها ، لأن مفاسدها أشد من منافعها والشواهد عبر التاريخ القريب تؤكد ذلك. -3- إن الاستعانة بالأجنبي- وفقاً لرأي العلماء الثقاة والأزهر الشريف- خيانة سياسية ودينية ولا شك في ذلك، واستسهال بعض الفقهاء مثل / القرضاوي/ لفكرة الاستعانة بالأجنبي لدعم الثورات العربية/ كما فعل وطالب بالنسبة لسورية/ تعد في نظر الفهم الإسلامي الصحيح، طعناً للدين ومخالفة صريحة لنصوص القرآن وأحاديث وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وهي تستوجب منه الاعتذار، إن لم يكن التوبة، لأن العدو / الإسرائيلي والأميركي هنا/ هو الوحيد المستفيد من مثل هذه الدعوات والفتاوى. على أي حال دعونا نسأل في نهاية دراستنا: ماذا عن رأي الشرع وخاصة في تحالف المسلمين مع أعداء الأمة من أجل مصالح رخيصة كما هو الحال الآن في بعض ثورات الـC.I.A في المنطقة ، يقول العلماء إن الحلف وفقاً للفهم الإسلامي قسمان: القسم الأول: حلف لا يخالف شرع الله، بل يحقق مصالح للمسلمين، وغيرهم كحلف الفضول الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم« لو أدعى به في الإسلام لأجبت» ولكن الشرط الأساسي فيه هو العدل ودفع العدوان وهو أمر غير متوافر في تاريخ علاقاتنا بالغرب منذ مئتي عام/ فلسطين مثالاً/ وبالتالي لايجوز هنا القياس عليه أو الاستشهاد به، أما القسم الثاني فهو الحلف الذي كان معمولاً به في الجاهلية، حيث يختص بتعاقد المتحالفين على التناصر على الحق والباطل، وعلى التوراث بينهم دون الأقارب، وكذلك التوارث بالهجرة الذي كان معمولاً به في المدينة بين المهاجرين والأنصار، عندما آخى بينهم الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم نسخ الله تعالى ذلك، ورد الإرث على الأقارب، كما فصل ذلك في سورة النساء، وأبقى تعالى بين المهاجرين والأنصار وكافة المؤمنين، التناصح والتناصر والمواساة والذي نسخ التوارث بين غير الأقرباء، قوله تعالى« والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله إن الله بكل شيء عليم./ الأنفال:75/. قال أبو بكر الجصاص: قال الله تعالى:والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم / النساء 33/ فلم يختلف المفسرون أنهم في أول الإسلام قد كانوا يتوارثون بالحلف دون النسب، وهو معنى قوله: والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم إلى أن جعل الله ذوي الأرحام أولى من الحليف بقوله: وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين ./ الأحزاب:6/ فقد كان حلف الإسلام على التناصر والتوارث ثابتاً صحيحاً. ويدخل في هذا القسم- الحلف المخالف لشرع الله- دخولاً أولياً تحالف بعض المسلمين مع بعض على ظلم غيرهم من المسلمين أو غيرهم، وأشد جرماً من ذلك ، تحالف بعض المسلمين مع غير المسلمين، على مسلمين، كما يحصل اليوم من التحالف مع دول الغرب والصهاينة على الشعب الليبي والشعب السوري واللبناني والعراقي والذي يعود بالخسران على المسلمين قال تعالى هنا- يا فضيلة الشيخ القرضاوي-وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان (المائدة 2) أليس الاستعانة بالأجنبي هنا- كما ظهر جلياً في العراق وأفغانستان ثم ليبيا- قد أدى إلى الاحتلال والمهانة!! (4) الخلاصة: إن مقاومة الاستبداد (الجمهوري) و(الملكي) حيث لافرق يا شيخنا بل ربما الأخير -الملكي الذي تعيش في ظله- أشد قسوة ومهانة وتبعية للمستعمر وفقاً للتقارير الدولية المحايدة ويكفيك ما تعلمه أو ينشر عن نظام الكفيل العبودي بها مقاومة هذا الاستبداد تكون بثورة وطنية داخلية وليس بالاستعانة بالأجنبي لأن المفاسد المترتبة عليه أشد وأخطر (من المنافع).. نتمنى من العلامة الشيخ يوسف القرضاوي أن يعود إلى الحق وهو أهل لهذه العودة بحكم تاريخه السابق المؤيد لفلسطين ولايخدعنك أحد يا شيخنا بأنك بما تصدره من فتاوى متعجلة تساند ثورات حقيقية فهي-باستثناء مصر وتونس- مؤامرات تفكيك للأوطان وتدمير للدين إن المؤامرة كبيرة وخطيرة ونربأ بالشيخ الجليل (القرضاوي) أن تستخدم فتاواه في تنفيذها. ونختم بهذه العبارة لعالم ومجاهد جزائري كبير ضد الاحتلال الفرنسي يعرفه ولاشك الشيخ القرضاوي وهو (عبد الحميد بن باديس) حين قال: «والله لو طلبت مني فرنسا أن أقول لا إله إلا الله لما قلتها» وأظنك يا شيخنا الجليل تدرك معناها وتفهم مراميها أكثر منا هدانا الله وإياكم إلى الحق قولاً وفعلاً !! والبعد عن (بلاط) ملوك الفتنة أمثال «حمد» و«آل سعود» الذين قال فيهم المولى وقوله الحق (إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون) صدق الله العظيم. |
|